وجهة العالم الإسلامي

Malek Bennabi d. 1393 AH
116

وجهة العالم الإسلامي

وجهة العالم الإسلامي

Editorial

دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

Número de edición

١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١

Ubicación del editor

سورية

Géneros

الجديد؛ فإن الطبقة المتوسطة (البورجوازية) قد استهلت عهد الرأسمالية الجديد، كما أدى صراع العمال إلى ظهور طبقة جديدة، هي الطبقة العاملة (البروليتاريا). ولكن العالم الذي نتج عن هذا التطور المزدوج كان حافلًا بضروب التعارض، متهيئًا لتقبل صنوف الانفصال التي تصيبه. والواقع أن الشعب وجد نفسه نهائيًا منشقًا إلى معسكرين عندما حملت الطبقة العاملة لواء (المادية الجدلية) في وجه (المادية العملية) التي تدين بها الطبقة المتوسطة الأوربية. وظل الصراع حينًا من الدهر على مستوى عال بين الاقتصاديين العمليين التقليديين، وعلى رأسهم آدم سميث وريكاردو، وبين الاقتصاديين الجدليين أصحاب المدرسة الجديدة، وفي مقدمتهم فردريك أنجلز وكارل ماركس، وذلك بصرف النظر عن الحركات النقابية الفوضوية، من مثل ما دعا إليه باكونين (١)، حتى إذا قامت الشيوعية الدولية الأولى بعد مؤتمرات بروكسل ولندن التحضيرية، وبعد إعلان قيام مجلس للشعب في باريس عام ١٨٧١، انقسم الشعب نهائيًا إلى طبقتين متميزتين ومتعارضتين، لم تقتصر معاركهما على الميدان الفلسفي، بل نشبت أيضًا في المجال السياسي. هذه فترة من تاريخ أوربا وقد أصابها الانفصال في أوضاعها الأخلاقية والسياسية والاجتماعية، وهي الفترة المعاصرة لجبروت العصر الاستعماري، ولبوادر النهضة الإسلامية الأولى؛ وبهذه الدفعة المادية المزدوجة: دفعة البورجوازية، ودفعة البروليتاريا، تجلت أوربا للوعي الإسلامي فأدرك نفوذها في تطوره الفكري والسياسي. فهو لم يكتشف في أوربا هذه حضارة، بل أكتشف فوضى كانت تتعاظم داخلها الانفصالات طبقًا لعاملين كان لهما في هذا الشأن وزن كبير، هما: سرعة النمو العلمي، والتوسع الاستعماري.

(١) باكونين، روسي استوطن سويسرا، قام ما بين ١٨٤٠ - ١٨٧٠ بحركة نقابية في أوربا.

1 / 126