مودينه
كانت دوقيتا مودينه وبارمه الصغيرتان تقعان إلى جنوب نهر بو، بين لمبارديه وطوسكانه، وكانت نفوس مودينه وحدها تبلغ زهاء نصف المليون يحكمها الدوق فرنسوا، وكانت أنظمة الدولة من الوجهة النظرية صالحة لكل ما يؤدي إلى خير الأهلين إلا أن تنفيذها كان يجري على صورة فظيعة من الاستبداد، وكانت الضرائب فادحة والقوانين المدنية والجزائية سيئة غامضة.
وطالما تجاوزت الإرادات الأميرية القوانين وخرقتها، فالمتهمون السياسيون مثلا كانوا يلقون في السجون من دون أي دليل، ويبقون فيها إلى أن تظهر الحقيقة، وقد جلب الحكم الإفرنسي إلى الدوقية النشاط وروح السعي والإقدام، فاشتهرت مودينه بمدرستها التي تعد رجال الإدارة، إلا أن الدوق فرنسوا قضى على ذلك كله كما قضى على نفوذ الحكومات الحرة في النواحي.
وكان التعليم الابتدائي شائعا في قليل من المدن، أما التعليم الثانوي فكان بيد اليسوعيين، كما أن الجامعة أتلفت بالنظام الذي أصدره الدوق، وأصبحت مراقبة المطبوعات بيد المتعصبين الذين بلغ من تعصبهم أنهم منعوا تداول مؤلفات دانتي.
ويؤلف القرويون الأكثرية الساحقة وهم الذين يملكون الأرض إلا القليل منهم، وكانوا دائبي السعي والعمل في أرضهم الجبلية الشحيحة، ويرزحون تحت ظلم موظفي الحكومة، ويجابهون الشقاء، ولكنهم كانوا يوالون الحكومة؛ حتى إن الأمير كان يجهز - عند الحاجة - ما يشاء من المتطوعين منهم.
بارمه
أما دوقية بارمه فكانت على عكس أختها دوقية مودينه، تتمتع بحكومة هي من أبعد الحكومات في إيطالية تبصرا، وكانت كثيفة النفوس؛ إذ يبلغ عدد سكانها الأربعمائة والخمسين ألفا، وكانت أرملة نابليون، رغم خلاعتها وقلة مرونتها، شفيقة بالناس حسنة النية نحو رعيتها، وكان الوزراء يساعدونها على سياسة رعيتها، في الحكم السمح والإدارة الحرة.
وظل القانون الإفرنسي نافذا فيها، ولم تكن ثمت فوارق أمام القانون، وكانت المحاكمة علنية والحكام مستقلين، ومجلس الدولة يستشار في جميع الأمور التشريعية وإدارة الشرطة لا بأس بها، وكان التعليم في هذه الدوقية منتشرا بالنسبة إلى أكثر أنحاء إيطالية، ففي أكثر النواحي مدارس للأولاد حتى بلغ عدد الذين يؤمون المدارس نحو خمس السكان.
لوكا
وكانت دوقية لوكا من أصغر الدويلات الإيطالية، فمساحتها لا تتجاوز ثمانمائة وخمسين كيلو مترا مربعا، ونفوسها يبلغون مائة وخمسين ألفا، وقد خولها مؤتمر فينا حق الاحتفاظ بدستور 1805، بيد أنه سرعان ما ألغي هذا الحق، ومع ذلك فإن الحكومة لم تكن متعصبة ولا ظالمة.
Página desconocida