What a Muslim Should Know About Their Religion
ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه
Editorial
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤١٣هـ
Géneros
[المقدمة]
ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
﴿وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: ١ - ٣]
بهذة السورة الكريمة التي توحي بضرورة وحدة المؤمنين في الخير والتواصي بالحق.
وبهذه السورة الكريمة التي أقام الله بها الحجة على الخلق، كما قال الإمام الشافعي ﵀: (لو لم ينزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم) .
أجل بهذه السورة نقدم هذه التوجيهات الإسلامية راجيا أن ينفع الله بها إنه أكرم مسؤول.
وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد البشير النذير والسراج المنير وعلى آله وصحبه.
عبد الله عبد الغني الخياط
1 / 5
[الحلقة الأولى واقع الحاج ووضعه]
الحلقة الأولى: واقع الحاج ووضعه أيها الحاج الكريم:
يا من تركت الدنيا وراءك، ونبذت فتنتها وأطرحت كل متاع ولذة وضحيت بكل غال في سبيل الله - ضحيت بمالك والمال عزيز على النفوس، ولكنك تبذله طيبة به نفسك في سبيل الله، ومن أجل الحج إلى بيت الله الحرام وإقامة ركن الإسلام، ضحيت براحتك فأنت منذ أن فارقت وطنك بدأت تحس بمتاعب السفر وأخذت في الحل والترحال على متن الطائرة أو الباخرة أو على الرواحل (١) والزوامل (٢) والسفر مهما كان مريحا لا يسلم من عناء ومشقة وضياع فرص الراحة، ولكنك لم تبال بذلك وضحيت براحتك في سبيل الله ومن أجل الحج إلى بيت الله المشرف.
_________
(١) الرواحل: من الإبل - جمع راحلة، القوي منها على الأحمال والأسفار.
(٢) الزوامل: مؤنث الزامل - الدابة من الإبل وغيرها يحمل عليها.
1 / 6
ضحيت بوطنك الغالي، ولفراق الوطن في النفوس وحشة وألم، ولكنك استعذبت فراقه مقدما حب الله على حب الوطن وأداء فريضة الله وحج بيت الله المعظم على أداء واجباتك.
ضحيت بأهلك وولدك، والأهل والولد زينة الحياة ومتعتها، وفضلت المتعة الروحية والاجتماع بإخوانك المسلمين في رحاب بيت الله والاشتراك معهم في ذكر الله وأداء فريضة الله على المتعة والأهل والولد.
فأنت أيها الحاج في هذه الراحلة، وفي زيارتك بيت الله في هجرة إلى بيت الله، وقد تكفل الله لمن يهاجر في سبيله، إما أن يرجعه إلى بلده سالما غانما أو يدخله الجنة إن توفاه الله في حجه.
ومن حق الضيافة والوفادة أن يعطيك الله سؤالك إذا سألته ويستجيب دعاءك إذا دعوته، ويخلف عليك في النفقة، كما جاء في الحديث عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «الحجاج والعمار وفد الله، إن سألوه أعطوا، وإن دعوا أجيبوا، وإن أنفقوا أخلف عليهم» .
1 / 7
[الحلقة الثانية فضل مكة والحرم]
الحلقة الثانية: فضل مكة والحرم أيها الحاج إلى بيت الله المشرف:
إنك في جوار بيت الله المعظم، البيت الذي بناه خليل الله إبراهيم ﵇ بأمر من الله تعالى، وأمره الله أن يؤذن للناس بحجه وأن يطهره للطائفين والقائمين والركع السجود.
كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: ٢٦]
وأنت في حرم الله المقدس الآمن، الذي تأمن فيه على نفسك وأهلك ومالك، وتأمن فيه حين تقبل على عبادة ربك لا يصدك صاد ولا يصرفك صارف تأمن فيه أمنا مطلقا، أمنا نفسيا وروحيا لا مثيل له ولا يشبهه أمن
1 / 8
في أي بلد من البلدان. كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٦٧] وقال أيضا: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾ [القصص: ٥٧]
أيها الحاج الوافد على الله:
أنت في بلد الله مكة، التي سماها الله (أم القرى) كما قال تعالى - مخاطبا رسوله المصطفى محمدا ﷺ ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الشورى: ٧]
وأشاد المصطفى ﷺ بها وأوضح فضلها حيث يقول: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلي، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» . وفي رواية أخرى: «وما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك» .
أيها الحاج الوافد على الله:
إن زيارتك لهذه البقاع المقدسة هي فرصة العمر وإذا ذهبت الفرصة فقد لا تعود.
1 / 9
الصلاة في المسجد الحرام يضاعف أجرها إلى مائة ألف صلاة، وصوم رمضان في البلد الحرام يعدل صيام ألف شهر رمضان فيما سواه.
كما جاء عن عبد الله بن عباس ﵄ مرفوعا: «من أدرك رمضان بمكة فصامه وقام ما تيسر كتب الله له ألف شهر رمضان فيما سواه» .
والأعمال الصالحة يضاعف أجرها لشرف الزمان والمكان، غير أن الواجب المفروض في أدائها - الذي يترتب عليه القبول ونيل الأجر العظيم والثواب الجزيل -: الإخلاص، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥]
1 / 10
[الحلقة الثالثة العبادة]
الحلقة الثالثة: العبادة عليك أن تنتهز هذه الفرصة الذهبية التي أتاحها الله لك لحج بيته وزيارة هذه البقاع المقدسة وتحرص كل الحرص على أن لا تضيع منك ساعة لا تشغلها بعبادة ربك وطاعته.
فلقد خلقك الله وأوجدك من العدم ولم تكن شيئا قبل ذلك، قال تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١] وأسبغ عليك من نعمه الظاهرة والباطنة، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾ [إبراهيم: ٣٢] أي سخر السفن لتسير في البحر لمصالحكم وتحمل أرزاقكم وتبلغكم غاياتكم. ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ [إبراهيم: ٣٣] يسيران بنظام دقيق دائم لا
1 / 11
يختل ولا يختلف. ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [إبراهيم: ٣٣] أي سخر لكم الليل راحة لأبدانكم من عناء العمل وسخر لكم النهار لمعاشكم ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ [إبراهيم: ٣٤] أي أعطاكم ما تطلبونه مما فيه مصلحة لكم في أمر معاشكم ومعادكم ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤] كل هذه النعم التي أسبغها على العباد، وفي طليعتها إيجاد الإنسان من العدم، كلها لشيء واحد، هو عبادة الله تعالى وحده دون سواه، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: ٥٦ - ٥٨]
الإخلاص في العبادة والعبادة هي شعور بعظمة الخالق جل وعلا، يبعث على الذل وغاية الخضوع له، فإذا وقف العبد أمام ربه في الصلاة فعليه أن ينسى الدنيا ويتذكر بتكبيرة الإحرام (الله أكبر) أن الله أعظم وأجل وأرفع من كل شيء، فلا ينصرف عنه في صلاته بل يخشع ويتذلل أمام ربه، ولا يفكر في شيء إلا أنه أمام من ذل لعظمته كل شيء،
1 / 12
وخضع له كل شيء، وكل شيء في قبضته، ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣] وذلك هو معنى الإخلاص في الصلاة وخضوع القلب وخشوع الجوارح.
والصلاة فرع من فروع العبادة التي يشترط فيها الإخلاص، وهناك فروع أخرى للعبادة يشترط فيها الإخلاص أيضا منها الدعاء. . لقول رسول الله ﷺ: «الدعاء مخ العبادة» أي خالص العبادة ولبها فيجب أن يتجه المسلم إلى ربه متضرعا في دعائه موقنا بالإجابة، كما جاء في الحديث: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» . وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦] وقال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠] فالإخلاص المطلوب المشروط في الدعاء، أن يدعو العبد ربه وحده، لا يدعو معه غيره، مهما ارتفع مقام ذلك الغير، فالدعاء حق الله، ولا يجوز صرفه لغير الله. . قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ [الحج: ٧٣]
1 / 13
ومعنى الآية: أن الله يضرب المثل لمن يدعو غيره أن ما يدعونه من دون الله عاجز عن أن يخلق ذبابا وإن سلبه الذباب شيئا لا يستطيع أن يسترده منه فكيف يصح أن يدعى هذا العاجز من دون الله، أو يقصد بأي توع من أنواع العبادة.
والعبادة لا تقتصر على الدعاء فقط، بل الاستعانة - وهي طلب العون - عبادة، فلا يجوز للعبد أن يطلب العون من أحد غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وقد أرشد الله عباده إلى ذلك بقوله في سورة الفاتحة، التي يقرأها العبد في صلاته مرارا بقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] أي لا نعبد إلا أنت يا رب ولا نستعين إلا بك وحدك، وذلك هو الإخلاص المطلوب.
وكذلك الاستغاثة عبادة، وهي طلب الغوث وإزالة الشدة، فلا يجوز للمسلم أن يطلب الغوث إذا نزلت به الشدة أو ابتلي بالمصائب إلا من الله.
فإذا ابتلي بالأمراض المستعصية مثلا أو خشي على
1 / 14
نفسه الغرق في البحر أو السقوط من الطائرة فليرفع يديه إلى السماء وليقل: يا رب أغثني، يا رب فرج عني. وعندئذ يستجيب الله دعاءه كما وعد بذلك.
قال تعالى مخبرا عن صفوة الخلق صحابة رسول الله ﷺ حين استغاثوا الله ﷾ عندما أحدق بهم الخطر في بعض حروبهم مع المشركين: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٩]
وكذلك ذبح القرابين على اسم الله تعظيما لجلاله وتقربا إليه عبادة، فلا يجوز للمسلم أن يذبح قربانه متقربا به إلى غير الله من الأولياء والصالحين فضلا عن غيرهم، قال تعالى - مخاطبا أكرم رسله سيدنا محمد ﷺ: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: ١٦٢] أي ذبيحتي التي أذبحها ﴿وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣] وإلى جانب الدعاء والاستعانة والاستغاثة وذبح القربان أنواع أخرى للعبادة، كالتوكل على الله والخوف والخشوع من الله وغير ذلك من ضروب العبادة وألوانها
1 / 15
التي يشترط فيها الإخلاص والتوجه بها إلى الله وحده دون سواه لأنها محض حق الله، والتوجه بها لغير الله شرك مناف للتوحيد.
قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠]
1 / 16
[الحلقة الرابعة أركان الإسلام]
الحلقة الرابعة: أركان الإسلام أيها الحاج المتطلع لمعرفة دينه:
كل بناء لا يرتفع ولا يستقيم إلا إذا اعتمد على أسس ثابتة وأركان راسخة تحفظه من السقوط، والإسلام هو ذلك البناء الشامخ والدين القويم، الذي رضيه الرب ﷻ لعباده، وأكمله لخلقه، كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]
فالركن الأول من أركان الإسلام:
شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
وشهادة أن لا إله إلا الله تتطلب:
الإخلاص في توحيد الله ﷻ وذلك بأن يتجه المسلم في العبادات كلها على مختلف ألوانها لله وحده.
وشهادة أن محمدا رسول الله تتطلب:
1 / 17
الإخلاص في الإقرار للرسول محمد ﷺ بالرسالة، وذلك بالاعتقاد الجازم أنه رسول الله إلى الناس كافة، كما قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨]
ومحبته ﷺ أكثر من محبة الوالد لولده والولد لوالده كما جاء في الحديث عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» .
وطاعته ﷺ في كل أمر واجتناب كل ما نهى عنه كما قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]
والإيمان بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، فلا نبي ولا رسول بعده، كما قال تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠]
الركن الثاني:
والركن الثاني من أركان الإسلام: إقام الصلاة. ويتطلب الإخلاص في إقام الصلاة أن يؤديها المسلم على
1 / 18
الوجه الأكمل المشروع، وأن يحافظ عليها في الحضر والسفر وفي المرض أيضا، لا يتهاون بها ولا يكسل عن أدائها في أوقاتها ولا يرائي بها ولا يترك الخشوع فيها.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] وقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ١ - ٢] وقال النبي ﷺ: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف» اهـ. أي: أنه مع أئمة الكفر في نار جهنم، وكفى بذلك وعيدا يحفز إلى إقام الصلاة والعناية بها وعدم التشاغل عنها.
منزلة الصلاة من الدين: منزلة الصلاة من الدين منزلة رفيعة لا تعدلها أية عبادة أخرى، فهي عمود الدين، أي كمثل العمود للخيمة وهل تبقى الخيمة قائمة بدون عمود؟ فكذلك
1 / 19
لا يستقيم الإسلام بدون صلاة، وهي أول فريضة فرضها الله على العباد بعد التوحيد، وأول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة الصلاة، كما جاء في الحديث: «أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت - أي قبلت - صلح سائر عمله وإن فسدت - أي لم تقبل - فسد سائر عمله» . رواه الطبراني.
وهى آخر وصية وصى بها رسول الله ﷺ أمته عند مفارقته الدنيا حيث أخذ يقول وهو في آخر مرحلة الحياة: «الصلاة وما ملكت أيمانكم»، أي احرصوا على الصلاة والزموها ولا تفرطوا فيها. وقد بلغ من عناية الإسلام أن أمر بالمحافظة عليها حتى في أحرج المواقف عند اشتداد الخوف حين يكون المسلمون في المعركة أمام العدو. قال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ - فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٨ - ٢٣٩] أي: في حالة اشتداد الخوف صلوا راجلين أو راكبين، وشدد الله النكير على من يفرط فيها أو يضيعها فقال: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩]
1 / 20
أي خسارة.
وقال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤ - ٥] أي لاهون غافلون.
1 / 21
[الحلقة الخامسة ما يشترط للصلاة من طهارة]
الحلقة الخامسة: ما يشترط للصلاة من طهارة أيها الحاج الحريص على صحة صلاته:
لو أن أحدا من الناس دعاه ملك من ملوك الدنيا لمقابلته ماذا يصنع؟ أو ليس من اللائق به أن يظهر أمام الملك في أحسن هيئة ويلبس أحسن لباس؟ فكيف بمن يدعوه ملك الملوك للوقوف بين يديه في كل يوم خمس مرات؟ ولله المثل الأعلى، أو ليس من المتحتم عليه أن يتنظف ويتطهر ويظهر بالمظهر اللائق للوقوف بين يدي ملك الملوك؟ لذلك شرع الإسلام للمسلم قبل أن يدخل في الصلاة ويقف بين يدي ربه شرع له الطهارة، وتشتمل على ما يلي:
أولا: أن يذهب أثر النجاسة إذا ذهب لقضاء حاجته من بول أو غائط بأن يستنجي بالماء أو يستجمر بالحجارة (وكل شيء طاهر منق إلا العظم وروث البهائم
1 / 22
ونحوهما وكذلك كتب العلم وغيرها مما له حرمة) .
ثانيا: إن كان عليه جنابة أي خرج منه المني بشهوة، أو جامع أهله، يجب عليه أن يغتسل ويعمم جميع بدنه بالماء، ويوصل الماء إلى كل جزء من أجزاء بدنه.
ثالثا: إذا لم تكن عليه جنابة بل عليه حدث أصغر، وهو ما يوجب الوضوء مثل خروج الريح أو أي خارج من موضع البول أو الغائط، أو النوم الذي يستغرق فيه النائم ولا يبقى معه إدراك أو وعي أو مس الرجل المرأة أو الفرج.
في كل هذه الأحوال يجب على المرء أن يتطهر، أي يتوضأ أو يغتسل بالماء قبل أن يدخل في الصلاة، فلو صلى بدون غسل وعليه جنابة أو لم يكن متوضئا لم تقبل صلاته، يتوضأ عند وجوب الوضوء ويغتسل عند وجوب الغسل كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] وقال رسول الله ﷺ: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» .
1 / 23
صفة الوضوء: وصفة الوضوء الكامل أن ينوي المتوضئ في قلبه أنه يريد التطهر ورفع الحدث، ثم يقول بسم الله، ويغسل كفيه ثلاثا، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا بثلاث غرفات، أي يدخل الماء في فمه وأنفه ويخرجه، ثم يغسل وجهه ثلاثا، ويغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا - والمرفقان هما العظمان الناتئان في نهاية الذراع -، ثم يمسح رأسه من مقدمه إلى قفاه بيديه، ثم يعيد يديه إلى المحل الذي بدأ منه، يفعل ذلك بالماء مرة واحدة، ثم يدخل سبابته (الأصبع الثاني في اليد اليمنى جهة الشمال)، يدخلها في أذنيه يمسح بها باطن الأذنين بالماء ويمسح ظاهرهما بإبهامه (الأصبع الأولى في اليدين اليمنى جهة الشمال واليسرى جهة اليمين)، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثا ثلاثا، وهذا أكمل وضوء فعله رسول الله ﷺ (الكعبان هما العظمان الناتئان في مؤخر الرجل) . قال تعالى في صفة الوضوء وفرضه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦]
1 / 24