فسألته كيتي وهي ترمقه بنظرة سريعة من عينيها الزرقاوين الجميلتين: «مم عساني أخاف؟ ليس منك بالطبع.» «حسنا، أرجو من أعماق قلبي ألا تكوني خائفة مني يا كيتي. والآن، يا آنسة بارتليت، أتعرفين لم أتيت إلى هنا؟»
قالت الفتاة بطريقة فكاهية مزعجة: «من أجل مزيد من الطعام على الأرجح.» «أوه، أرى في ذلك قسوة ووحشية على رجل أسير. وفوق ذلك، فقد تناولت فطورا ممتازا، شكرا لك. لم يأت بي إلى المطبخ سبب كهذا. لكني سأخبرك بالسبب الحقيقي. ستأخذينه من شفتي. هذا هو السبب!»
نفذ ما قاله حرفيا في الحال، وقبلها قبل أن تعرف ما سيحدث. ظن ييتس، من واقع خبرته الهائلة، على الأقل، أنه أخذها على حين غرة. وغالبا ما يخطئ الرجال في مثل هذه المسائل البسيطة. فقد دفعته كيتي والسخط باد عليها، لكنها لم تصفعه على وجهه، مثلما فعلت من قبل حين كان يحاول فقط تحقيق ما حققه الآن بالفعل. وربما كان هذا لأنها بوغتت تماما.
هددته قائلة: «سأنادي أمي.» «أوه، لا، لن تناديها. وفوق ذلك، فهي لن تأتي.» ثم بدأ هذا الشاب الطائش يغني هذا المقطع الغنائي الوقح بصوت خفيض «نخب في صحة الفتاة التي تنال قبلة وتركض لتخبر أمها.» وأنهى الغناء متمنيا أن تعيش وتموت عانسا عجوزا ولا تنال أي قبلة أخرى. لم يكن يفترض أن تبتسم كيتي، لكنها ابتسمت، وكان ينبغي أن توبخه على طيشه واستخفافه، لكنها لم تفعل. «أريد أن أتحدث إليك عن العواقب الهائلة الكارثية التي ستنجم عن العيش والموت عانسا عجوزا. لدي خطة لمنع وقوع هذه الكارثة، وأود نيل موافقتك عليها.»
أفلت ييتس الفتاة من بين يديه؛ لأنها ظلت تتلوى لتتخلص من قبضته، ولأنه سمع حركة في غرفة الطعام، وتوقع دخول ستوليكر أو أحد من الآخرين. وقفت الآنسة كيتي مولية ظهرها إلى الطاولة، محدقة إلى زهرة ربيعية أخذتها بلا وعي من مزهرية موضوعة على حافة النافذة. أخذت تملس برفق على بتلات الزهرة جيئة وذهابا، وبدت منهمكة بشدة في تفحص النبتة إلى حد أن ييتس سألها عما إذا كانت تصغي إلى ما يقوله أم لا. ولا يسعنا هنا سوى تخمين ماهية الخطة التي كان سيطرحها؛ لأن القدر حكم بأن يقاطعهما في هذه اللحظة الحاسمة الشخص الوحيد في العالم الذي كان يستطيع أن يجعل لسان ييتس يتلعثم.
فتح باب المطبخ الخارجي بقوة، ووقفت مارجريت هوارد على العتبة، فيما كان وجهها الجميل يستشيط غضبا وشعرها الداكن مسدلا على كتفيها، لتتشكل بذلك صورة جميلة حبست أنفاس ييتس. وبدا أنها لم تلاحظ وجوده.
صاحت قائلة: «كيتي، لقد سرق هؤلاء الأشقياء البائسون كل خيولنا! هل والدك هنا؟»
سألتها كيتي متجاهلة السؤال، ومندهشة من مجيء صديقتها المفاجئ: «أي أشقياء؟». «الفينيانيون. لقد أخذوا كل الخيول التي كانت في الحقول، وخيولكم أيضا. لذا ركضت إلى هنا لأخبركم.» «هل أخذوا حصانك أيضا؟» «لا. فأنا دائما ما أبقي جيبسي في الحظيرة. لم يقترب اللصوص من المنزل. أوه، سيد ييتس! لم أرك.» وبخيلاء المرأة اللاواعي، وضعت مارجريت يدها على شعرها الأشعث، الذي رأى ييتس أنه قد صار أشعث من أن يصفف مرة أخرى.
احمرت مارجريت خجلا حين أدركت، من إحراج كيتي الواضح، أنها اقتحمت خلوة ثنائية بتهور.
فقالت على عجل: «يجب أن أخبر والدك بما حدث.» وقبل أن يستطيع ييتس أن يفتح لها الباب، فتحته بنفسها. ثم ذهلت مجددا حين رأت كثيرين جالسين إلى المائدة.
Página desconocida