صاح هوارد الصغير قائلا: «هراء! لن أسمح لك بشيء كهذا. ستأتي معي إلى البيت. تريد أن ترى الكتب، أليس كذلك؟ حسنا جدا، إذن تعال معي؛ فمارجريت دائما ما تكون متلهفة في يوم التغيير وتنتظر رؤية الكتب بفارغ الصبر، وعادة ما يعود أبي من الحقول مبكرا للسبب نفسه.»
وبينما كانا يدنوان من ضيعة آل هوارد، أبصرا مارجريت في انتظارهما عند البوابة، ولكن حين رأت الفتاة شخصا غريبا في العربة، استدارت ودلفت إلى البيت. وعندما رأى رينمارك هذا الانسحاب، ندم على عدم قبول دعوة السيدة بارتليت. فقد كان رجلا حساسا، ولم يدرك أن ثمة آخرين أحيانا ما يكونون خجولين مثله. شعر بأنه يتطفل، بل وأنه يفعل ذلك في لحظة مقدسة؛ لحظة وصول المكتبة. فقد كان عاشقا للكتب، وكان يقدر قيمة الاختلاء بها بشدة إلى حد أنه تخيل في انسحاب مارجريت المفاجئ الاستياء نفسه الذي كان سيشعر به لو تطفل عليه زائر في خلوته المفضلة في الغرفة الجميلة التي تحوي مكتبة الجامعة.
وحين توقفت العربة في الممر المؤدي إلى بوابة البيت، قال رينمارك بتردد: «أظنني لن أستطيع البقاء، إن كنت لا تمانع. فصديقي ينتظرني في المخيم، وستؤرقه التساؤلات عما حل بي.» «من؟ ييتس؟ دعها تؤرقه. أظنه لا يشغل باله أبدا بأي شخص، ما دام هو نفسه يشعر بالراحة. هذا هو الانطباع الذي أخذته عنه على أي حال. وفوق ذلك، لن تخلف وعدك بحمل الكتب إلى الداخل أبدا، أليس كذلك؟ لقد اعتمدت على مساعدتك. فأنا لا أريد فعل ذلك، ولا يبدو من العدل ترك مارجريت لتدخلها كلها وحدها، أليس كذلك؟» «أوه، إن كنت أستطيع تقديم أي مساعدة، فسوف ...» «تستطيع بالتأكيد. وفوق ذلك، أعرف أن والدي يريد أن يراك، على أي حال. ألا تريد ذلك يا أبي؟»
كان الرجل العجوز آتيا نحوهما من جانب المنزل الخلفي لمقابلتهما.
سأل قائلا: «أريد ماذا؟» «قلت إنك تريد رؤية البروفيسور رينمارك حين أخبرتك مارجريت بما قاله لها ييتس عنه.»
احمر وجه رينمارك قليلا حين عرف أن كثيرين كانوا يتحدثون عنه، وخالجه بعض الشك في الوقت نفسه في أن الصبي كان يسخر منه. مد السيد هوارد يده بحرارة ليصافحه. «إذن، أنت البروفيسور رينمارك، ألست كذلك؟ أنا سعيد للغاية برؤيتك. نعم، كما قال هنري، كنت أود رؤيتك منذ أن تحدثت ابنتي عنك. أظن أن هنري أخبرك بأن شقيقه واحد من تلاميذك؟»
صاح رينمارك شاعرا فجأة بالحيوية والألفة: «أوه! هل آرثر هوارد ابنك؟ لم أكن أعرف ذلك. يوجد شبان كثر في الكلية، وليس لدي أدنى فكرة عن مساقط رءوسهم كلهم. صحيح أن المعلم ينبغي ألا يكون لديه تلاميذ مفضلون، ولكن علي الاعتراف بأنني معجب جدا بابنك. إنه فتى نجيب، وهذا لا يمكن أن يقال عن كل طالب في صفي.» «دائما ما كان آرثر مجتهدا؛ لذا ارتأينا أن نمنحه فرصة . أنا سعيد بسماع أنه يحسن السلوك في المدينة. فالزراعة عمل شاق، وآمل أن يحظى أولادي بحياة أسهل مما عشتها. ولكن هيا تفضل بالدخول، هيا. ستسعد زوجتي ومارجريت برؤيتك، وسماع مدى ما يحققه من تقدم في الدراسة.»
وهكذا دخلوا معا.
الفصل العاشر
«أيا أنت! أنت! استيقظ! الفطووووور! كنت أعرف أن هذا ما سيوقظك. يا إلهي! ليتني كنت أشغل وظيفتك مقابل دولار في اليوم!»
Página desconocida