وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] قال ابن عباس، في رواية سعيد بن جبير وعطاء: هذه الآية منسوخة، وذلك أنها لما نزلت جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس إلى النبي ﷺ وقالوا: كلفنا من العمل ما لا نطيق، إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه، وأن له الدنيا.
فقال النبي ﷺ: " فلعلكم تقولون كما قالت بنو إسرائيل: سمعنا وعصينا.
قولوا: سمعنا وأطعنا ".
فقالوا: سمعنا وأطعنا.
واشتد ذلك عليهم ومكثوا حولا، فأنزل الله تعالى الفرج والرحمة بقوله: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] فنسخت هذه الآية ما قبلها، فقال النبي ﷺ: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا به» .
وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة والقرظي وابن سيرين والكلبي وقتادة.
وقوله: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] قرئ رفعا وجزما، فمن جزم فبالعطف على ما قبله، على معنى جواب الشرط، وهو قوله: ﴿يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] ومن رفع فتقديره: فهو يغفر لمن يشاء، ﴿وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] أي: الأمر إليه في المغفرة والعذاب.
﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ