على مسافة ثمانية عشر ميلا (41) من هذا الموقع (42). وقد شيدت هذه القلعة في عصرنا من قبل عمر السياف (43)، وهو متمرد وزعيم للرافضة. وقد كان في البداية واعظا، وبعد ان جمع حوله عددا كبيرا من المريدين الذين دانوا له بالطاعة، تحول الى طاغية مخيف جبار.
واستمرت سلطته مدة اثني عشر عاما. وقد تسبب في خراب هذه البلاد. وانتهى أمره بأن قتلته احدى نسائه حينما وجدته متلبسا بمقاربة إبنة لها من زوج آخر. وحينئذ أدرك الناس أن هذا الرجل كان فاسقا لا إيمان له ولا شريعة. فثار الشعب بعد موته وضربت أعناق الذين اتبعوا مذهبه. وقد ترك عمر هذا حفيدا استولى على القلعة وصمد لحصار الثوار وكل سكان حاحة مدة عام، حتى يئسوا وفكوا الحصار. ولا يزال هذا الرجل صامدا حتى اليوم أمام عداوة أهل حاحة وخصومه وكل جيرانه تقريبا. ويعيش على السلب ويهاجم فرسانه كل من يمر قرب قلعتهم. ولما كان في حالة مطاردة مستمرة فهو ينقض تارة على الماشية فينهبها وتارة أخرى على الناس فيقتلهم ويسلبهم ويستعين في مغامراته هذه بفرقة من رماة البنادق. ولما كان الطريق العام يقع على مسافة ميل واحد من القلعة فهؤلاء يرمون ببنادقهم ويجرحون أو يقتلون المارة البؤساء. وهذا الحاكم ممقوت من الجميع ولهذا لا يستطيع ان يزرع أو يحرث أو أن يحكم شبرا واحدا من الأرض في خارج جبله. وقد دفن جثمان جده في القلعة بصورة مكرمة جدا وراح يبجله كأنه ضريح أحد الأولياء الصالحين. وقد مر كاتب هذه الأسطر من أمام هذه القلعة مع فرسان الأمير الشريف، فقتل رماة القلعة بعض هؤلاء، ولكنهم عجزوا عن القبض على أي واحد منهم. وعلى أثر ذلك تحادث المؤلف مع بعض الاشخاص الذين كانوا من اتباع «عمر» المذكور والذين سردوا له حياة هذا الرافضي واطلعوه على نظرياته المعادية للشريعة العامة. وقد سجل ذلك في مختصره عن التأريخ الإسلامي.
ايغيلنغيغيل. مدينة من حاحه
ايغيلنغيغيل (44) هي مدينة صغيرة في الجبل بناها قدماء الأفارقة. وتقع تقريبا على
Página 119