هذه الجبال (194) وجبال الأطلس تربة ممتازة تنتج مقادير كبيرة من الحبوب والثمار الجيدة.
وتجري بين هذه التلال ومن خلال هذه السهول كل الأنهار التي تهبط من جبال الأطلس ذاهبة الى البحر المتوسط، ولكن لا يوجد في هذا النطاق سوى القليل من الغابات. وأجود هذه السهول هي التي تقع بين جبال الاطلس والمحيط، كمنطقة مراكش وإقليم دكاله، وكل التادلة وتامسنه (195) مع أزغار حتى مضيق جبل طارق.
وجبل الأطلس بارد وعقيم. وينبت فيه القليل من الحب. ونجد فيه غابات كثيفة في كل مكان. وتتولد من جبل الأطلس كل انهار إفريقيا تقريبا. والعيون التي تقع فيه شديدة البرودة في قلب الصيف حتى إن من يضع يده فيها بعض الوقت يفقدها بلا شك بسبب التجمد. ولا تكون كل أجزاء الجبل بالتالي قاحلة. وهناك بعض الأمكنة التي يمكن وصفها بأنها معتدلة ويمكن سكناها بشكل طيب، والتي هي بالفعل كذلك، كما سنعرض ذلك بشكل خاص في الجزء الثاني من كتابنا. وتكون المناطق الخاوية باردة أو موحشة، وتكون المناطق المقابلة لتامسنة عسيرة المسلك، وتقابل المناطق الباردة لموريتانيا. والناس الذين يربون الأغنام (196) يعيشون في هذا القسم من الأطلس في أثناء الصيف كي ترعى فيه ماشيتهم، ولكن يتعذر عليهم الإقامة فيه اطلاقا في الشتاء، لأنه بمجرد سقوط الثلج تهب ريح الشمال الخطرة جدا التي تميت كل الحيوانات الموجودة في هذه الانحاء، ويموت منه كثير من الناس ايضا. ويمر من هنا الطريق الذاهب من موريتانيا الى نوميديا (197) ولما كانت عادة التجار الذهاب من نوميديا (198) في أواخر شهر تشرين الأول (أكتوبر) مع اوساقهم من التموز فقد يباغتهم الثلج حتى لا يبقى منهم واحد على قيد الحياة، إذ عندما يأخذ الثلج بالتساقط ليلا تتعرض القافلة للدفن تحته والاختناق. ولا تتغطى القافلة وحدها بالثلج بل حتى الاشجار المجاورة ذاتها أيضا بحيث لا يمكن التعرف على الدرب ولا العثور على معلم لاكتشاف الجثث.
وقد نجوت، شخصيا، في مناسبتين، بمعجزة من خطر الموت، هذا في الزمن
Página 83