اتلفوا كل الكتابات التي تحمل اسماء المغلوبين بكتابتهم الخاصة وذلك كي يهينوا هؤلاء فضلا عن أنهم استبدلوا بها كتابتهم. وهكذا انتزعوا في نفس الوقت، عدا كرامة الأفارقة، كل ذكرى عن ماضيهم كي لا يتركوا سوى ذكر الشعب الروماني. وهذا ما أراد فعله ايضا القوط بالنسبة للرومان وما فعله العرب بالنسبة للمخلفات الفارسية. وهذا ما يصنعه اليوم الاتراك في المواقع التي يستخلصونها من النصارى إذ لا يقومون باتلاف الذكريات الجميلة فحسب بل الأسماء المجيدة، وحتى صور القديسين والقديسات التي توجد في الكنائس (189) ألسنا نرى في روما نفسها، وفي زمننا هذا نفسه، عمارة فخمة (190) اقيمت بنفقات ضخمة، ولم يكمل بناؤها بعد موت البابا الذي بدأ تشييدها في عهده؟، وذلك ان خليفته اما ان يعمد الى هدمها كي يشرع ببناء جديد او يقوم بعد استكمال بنائها بنزع شعارات الحبر المتوفي كي يضع مكانها شعاراته بدعوى أنه أضاف شيئا ما الى البناء المذكور، أو يعمد أيضا، هذا إذا كان منصفا، الى ترك شعارات سلفه ويضع شعاراته الخاصة فوقها، مع كتابات طويلة «في المسطرة وفي الفرجار» في مكان الشرف." ولهذا لا داعي للدهشة من ضياع الكتابة الافريقية منذ تسعمائة سنة وان الأفارقة يستعملون الحروف العربية. وقد كتب المؤلف الافريقي إبن رقيق في تاريخه بحثا طويلا تساءل فيه عما اذا كان للأفارقة كتابة خاصة بهم أم لا. وخلص الى أن هؤلاء كانت لهم كتابة، ذاهبا الى ان من ينكر عليهم ذلك يستطيع ان ينكر عليهم ايضا لسانهم الخاص بهم وبالاضافة الى ذلك يقول ان من المستحيل على شعب له لغة خاصة به ان يستخدم في كتابته حروفا أجنبية. (191).
Página 81