إن أكثر من ألف رجل منهم دقت أعناقهم، بينما سقط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل.
ولكن الملك لم يقبل التخلي عن مشروعه في أعقاب هذا الفشل. ولما كانت تحت إمرته خمسمائة من قاذفي السهام، وثمانمائة من رجال المدفعية الخفيفة فقد قرر الهجوم العام على المدينة. وأدرك محمد عندئذ أنه لن يستطيع الدفاع عن نفسه، وفكر في تسليم نفسه بين يدي الملك. فلبس كساء رسول وتقدم لخيمة الملك كي يسلمه رسالة كتبها بيده، باسم أمير دبدو، وكان هو أمير دبدو نفسه. ولم يكن كلاهما يعرف الآخر. وأخذ الملك يقرأ الخطاب ويسأل الرسول عن رأيه في أميره فأجابه هذا:
- اعتقد أن أميري مجنون، ولكن لدى الشيطان القدرة على إغواء الكبار وصغار المجانين على السواء.
فصرخ الملك قائلا:
- والله! إذا سقط بيدي كما أرجو فسأسلخ جلد ظهره وأقطعه إربا إربا وهو حي.
فأجاب الرسول:
- ولكن إذا سجد عند قدمي سموك وطلب الصفح عن خطيئته طالبا عفوك فكيف تعامله؟
عندها رد عليه الملك:
- في مثل هذه الحالة أحلف برأسي، إذا برهن بهذه الطريقة عن خطئه في تجرئه وندمه على ما فرط منه فلن أسامحه فحسب بل سأربطه معي بوشائج القربى، فأعطي اثنتين من كريماتي لاثنين من أبنائه، وأقره على قيادته، وأمنحه كذلك ما أراه كفاء لمقامه من عطاء. ولكن لا أخاله فاعلا ذلك ما دام مجنونا.
ورد الرسول:
- سيفعل ذلك بالتأكيد إذا أكد سموكم وعده بحضور الشخصيات الرئيسية في حاشيته.
فقال الملك:
- أظن انه يكفي أربعة أشخاص حاضرين هنا: فهذا كاتبي الأول، والثاني
Página 356