79

Descripción del Paraíso

وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب

Géneros

قال عبد الملك: وإنما يقول: الأرواح والأنفس تموت رجلان: رجل جاهل بأمر الله لا يعرف ما يقول، أو رجل زنديق كافر مكذب بما بعد الموت، ألا ترى قول الله تعالى الذي فسرت لك { يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} فقد أعلمك عز وجل أنه يمسكها/ عنده، وما أمسك عنده فحي غير ميت، وإنما تموت الأجساد ها هنا بإمساك الله الأنفس، وإنما قال: {فيمسك التي قضى عليها الموت} ولم يقل فيميت التي قضى عليها الموت، فافهم، واحذر قول أهل التكذيب فقد فشا في الناس منه طرف خفت التضليل به على العباد، فلذلك تكلفت تفسير ما فسرت لك، وإيضاح ما أوضحت.

وفي قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بيان من هذا حين يقول في خطبته: (ألا ترون أيها الناس أنكم في أصلاب الهالكين، وفي بيوت الميتين وفي دار الظاعنين أحياء، مثلكم كانوا بالأمس، فاصبحوا في دار الخالدين بين آمن روحه إلى يوم القيامة، وبين معذب روحه إلى يوم القيامة).

254- حدثني ابن أبي أويس وابن عبد الحكم، وأصبغ بن الفرج، وهو قول أهل السنة وجماعة الأئمة لم يختلف فيه أحد منهم أن الأرواح بعد الموت على ما وصف عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بين روح آمن إلى يوم القيامة، وبين روح معذب إلى يوم القيامة، والأرواح والأنفس بعد الموت شيء واحد، إنما يتميز في الأجساد قبل الموت، فالنفس هي التي تقبض عند النوم، وهي التي تفهم، وتعرف، وتبقى الروح/ وهو النفس الجاري فإذا انقضى الأجل تبع الروح النفس وصارت كلها أرواحا حية عند الله تعالى السعداء منها والأشقياء، فالشهداء منها آمنة منعمة، والأشقياء منها معذبة، وقد أبان الله عز وجل ذلك في آيات كثيرة في كتابه منها قوله تعالى في أرواح الأشقياء {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}.

255- وروى مالك، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أحدكم إذا مات عرض على مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة))، وقال عز وجل في أرواح السعداء: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}. وقال في أرواح السعداء من غير أهل الشهادة إنهم مع الشهداء عند الله، وذلك قوله تعالى:

Página 88