============================================================
الشخصية، ومن ثم فهما علة الاضطراب الفكري والشغب الاجتماعي بين الناس جميعا وما دام الإنسان واسطة العقد الكوني متوسطا بين العلو والسفل، بين البهيمة والملك، بين المادة والروح، كانت الشرائع السماوية تهيب به دائما أن يكون على خط الوسط في كل الأمور، على اختلاف بينها في التدرج، وكان الوسط هو التكامل النفسي والسكينة اللذان هما صمام الأمان من الانحراف : وقد اختلفت منازع المصلحين في جذب الإنسان إلى الوسط حتى طالعنا علم النفس الحديث بمصطلحاته ومناهجه، فضلل البصير وأعيا السالك. مرة بحجة النهج ، ومرة بالمصطلحات التي زخرت بها كتب الإصلاح النفسي وإلى جانيها تراجمها بلغات الغرب، حتى عدت هي الأخرى بهذه الطريقة لونا من الاتحراف النفسي في حاجة إلى العلاج . كما كان المنهج الذي يربط الفكر إلى خط لا يحيد عنه كذلك لونأ من الاتحراف في حاجة إلى علاج.
والمحاسبي كفيره من الصوفية العلماء يرفع شعاره المقدس ويحوم حول تقريره بكل الوسائل وهذا الشعور هو " أن الإنسان يجب أن يكون ابن وقته أولا" وليس معنى هذا أنه يدعو إلى أن يكون الإنسان فردا من أفراد السوائم التي لا تعنى بشيء ما حولها ، ولكنه يهيب به الا ياسى على الماضي ولا يقلق من المستقبل ولا يبالغ في الفرح بما في يده .
فالأسى والقلق والفرح الشديد ألد اعداء الصوفي الحق، والتخلص منها كسب لا يدانيه كسب في سبيل خلق اتزان نفسيي واتزان بشري عام . فإن ظفر الصوفي بتلك الأمنية العذبة حق له أن يعمل كما يعمل الناس وفي الوقت نفسه لا كما يعمل الناس: إنه يعمل على هذه الجادة ولا هدف له غير ترقية النوع الإنساني، والسلوك به مسلك الإنسان الذي يستحق بحق تكريم الله، لا مسلك الإنسان البغيض إلى ربه والذي استحق بحق أن يكون مسخا من القردة والخنازير والأنعام بل هو أضل سبيلا:
Página 48