قال وسألت بعض النَّسابين عن إخوته بني يعرب، فقال: العمالقة إخوته فئتان؛ أما الفئة الأولى فمن ولد إرم بن سام بن نوح النبي ﷺ، وأما الفئة الأخرى الذين كانوا سكان مكة وما حولها فمن ولد يعرب بن قحطان إخوتهم طسم وجديس والحي جرهم الأولى وعاد الصغرى. فكأن يشجب سادها ولاء من إخوته، وساد عشيرته التي منها آباؤه من ولد سام بن نوح النبي ﷺ.
وحدّثنا علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن يشجب بن يعرب بن قحطان وصى بنيه، فقال لهم: بني إني لم أسُد إخوتي وعشيرتي إلا بحفظي وصية أبي يعرب بن قحطان وبعملي بها وثباتي عليها. وإن أبي يعرب بن قحطان لم يسد إخوته وعشيرته إلا بحفظه وصية أبيه قحطان بن هود النبي ﷺ وبعمله بها وثباته عليها، وإن جدي قحطان بن هود النبي ﷺ لم يسد قومه وإخوته إلا بحفظه وصية أبيه هود النبي ﷺ وبعمله بها وثباته عليها. فابقوا على ما وجدتموني عليه، وهو الذي أنهيته إليكم كلامًا وشعرًا مما وصاني به أبي. وقد حفظتم الكل، فاثبتوا علي، واعملوا به، والله يخلفني عليكم، ثم الرشيد المهتدي منكم. وأنشأ يقول: " من البسيط "
أوصى النبي ابنه قحطان جدِّي بما ... وصَّى بنيه أبي من بعدِ قحطانِ
علمٌ حواهُ أبي من دونِ إخوتهِ ... وحُزتُه بعدَه من دونِ إخواني
وزادَني يعربٌ من بعدِهِ شيمًا ... وصّى بنيه بها يومًا ووصَّاني
حفظتُها حينما غيري استهان بها ... وحفظُها آخرَ الأيامِ من شاني
أعبدَ شمسٍ أبيتَ اللعنَ من خلفٍ ... هل أنتَ بعدي لنا في مُلكنا ثانِ
هل أنتَ تحفظُ عنِّي ما حفظتُ وما ... بهِ ثبتتُ لكم مُلكي وسُلطاني
بلى رأيتك هشًا ماجدًا فطنًا ... وقد إخالُكَ ظنًا غيرَ إعلانِ
قال علي بن محمد، قال الدعبل بن علي: فيقال إن عبد شمس بن يشجب حفظ وصية أبيه وثبت عليها وعمل بها، فساد الجميع من إخوته وعشيرته وأهل بيته، وكان ملك الجميع وعمادهم، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود النبي ﷺ، واسمه عبد شمس بن يشجب. ويقال: إنه أول من سبى السبايا وأسر الأعادي فلذلك سمي سبأ، وهو عبد شمس بن يشجب بن يعرب، وهو أبو حمير وكهلان. ويقال: إنه أغار على بابل بالخيل والرجال، ففتحها، وأخذ إتاوتها، وضرب بالخيل في الأرض، فكان لا يذكر له بلد إلا قصدها بالخيل والرجال وفتحها. وهو أول من فتح البلاد، وأخذ الإتاوة من أهلها.
وفيه يقول بعض أهل زمانه:
لقد مَلَكَ الآفاقَ من حيثُ شرقها ... إلى الغربِ منها عبدُ شمسِ بن يشجبِ
لهُ مُلكُ قحطان بنِ هودٍ وراثةً ... عن اسلاف صدق من جدود ومرأبِ
فما مِثلُ قحطان السماحةِ والندى ... ولا كابنهِ ربِّ الفصاحةِ يعربِ
ومن كالمُصفَّى عبدِ شمسِ بن يشجُبٍ ... إذا عُدَّ خيرُ الناس من خيرِ منصبِ
سما بالجيادِ الأعوجيةِ والقَنَا ... إلى بابلٍ في مقنبٍ بعد مقنبِ
فآب بأبكارٍ وحُورٍ أوانسٍ ... مع الخَرجِ منها في الخميسِ العصبصبِ
ورعَّلَ فيها الخيلَ شرقًا ومغرِبًا ... فمَشرِقُها يُجبى له بعد مغربِ
وحدّثنا علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن عبد شمس وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود النبي ﷺ جمع أهل مملكته ووجوه أهل بيته وعشيره، وأجلس ابنه حمير عن يمينه، وأجلس ابنه كهلان عن شماله، ثم قال لهم: أيها الناس، هل يصلح ليميني أن تقطع شمالي، أو يصلح لشمالي أن تقطع يميني؟ فقالوا بأجمعهم: أيها الملك، إنه لا يصلح شيء مما ذكرت. فقال لهم: إن أنتم إن همت يميني لقطع شمالي أو همت شمالي لقطع يمين وأكون غافلًا عنهما لا أسُدُّ الشِّمال عن اليمين ولا أسُدُّ اليمين عن الشمال فما أنتم صانعون؟ قالوا: نمنع اليمين عن الشمال، ونمنع الشمال عن اليمين. فقال لهم أعطوني العهود والمواثيق على وفائكم بما تكلمتم به وقلتم إنكم تفعلونه في يميني وشمالي. قال: فأعطوه العهود والمواثيق على ذلك.
1 / 3