Warathat al-Anbiya (The Inheritors of the Prophets)
ورثة الأنبياء
Editorial
دار القاسم
Géneros
ثبت من طريق واحد، فشغله ذلك عن معرفة آداب الغسل.
والعمر أقصر وأنفس من أن يفرط منه في نفس.
وكفى بالعقل مرشدًا إلى الصواب، وبالله التوفيق (١).
أخي المسلم:
هذا أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن القصري كان يقول: لي أربع وسبعون سنة ما جف لي قلم. وكان ربما باع بعض ثياب فاشترى بثمنها كتابًا.
وعندما وصل أبو جعفر القصري إلى مدينة سوسة لزيارة صديق له، فوجد صديقه هذا قد ألف كتابًا، ولم يكن مع أبي جعفر مال يشتري به ورقًا لينقل فيه هذا الكتاب، فباع أبو بكر قميصه الذي كان عليه واشترى بثمنه ورقًا كتب فيه الكتاب ورجع به معه إلى القيروان.
ورحل عبد الله بن القاسم إلى مالك بن أنس ﵀ بالمدينة، ليطلب العلم على يديه، قال ابن القاسم: فكنت آتي مالكًا غلسًا (آخر الليل) فأسأله مسألة أو ثلاثًا أو أربعًا، وكنت أجد منه في ذلك الوقت انشراح صدر، فكنت آتيه في كل سحر، فتوسدت مرة عتبة بابه أنتظر خروجه لصلاة الفجر لأسأله عن مسائل، فغلبتني عيناي فنمت، وخرج الإمام مالك إلى المسجد ولم أشعر به، فجاءت جارية مالك السوداء، فركضتني برجلها وقالت: إن مولاك أيها العبد قد خرج للمسجد، ليس يغفل كما أنت تغفل، له اليوم تسع وأربعون سنة ما صلى الفجر إلا بوضوء العشاء (٢).
(١) صيد الخاطر ص ٢٧٩. (٢) ترتيب المدارك ٣/ ٢٥٠.
1 / 95