ثم جال الناس جولة عند جملة حملها عليهم الخوارج فم يزالوا على ذلك حتى ضعف الفريقان ، فلما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها عبد ربه جمع أصحابه ، وقال يا معشر المهاجرين ان قطريا وعبيدة هربا طلب البقاء ولا سبيل اليه فالقوا عدوكم فان غلبوكم على الحياة فلا يغلبنكم على الموت فتلقوا الرماح بنحوركم والسيوف بوجوهكم وهبوا أنفسكم لله في الدنيا يهبها لكم في الآخرة ، قال ولما أصبحوا غادوا المهلب فقاتلوه قتالا شديدا انسى به ما كان قبله.
وقال عبدالله بن رزام الحارثي لأصحاب المهلب احملوا. فقال المهلب أعرابي مجنون. وكان من أهل نجران فحمل وحده فاخترق القوم حتى نجم من ناحية اخرى. ثم رجع ثم كر ففعل فعلته الأولى وتهايج الناس فترحلت الخوارج وعقروا دوابهم فناداهم عمرو القنا ولم يترجل هو وأصحابه من العرب ، وكانوا زهاء أربعمائة موتوا على ظهور دوابكم ولا تعقروها فقالوا انا اذا كنا على الدواب ذكرنا الفرار فاقتتلوا ونادى المهلب بأصحابه الأرض الأرض ، وقال لبنيه تفرقوا في الناس ليروا وجوهكم. ونادى الخوارج إلا أن العيال لمن غلب فصبر بنوا المهلب وصبر يزيد بين يدي ابيه وقاتل قتالا شديدا أبلى فيه. فقال له ابوه يا بني اني أرى موطنا لا ينجو فيه إلا من صبر وما مر بي يوم مثل هذا منذ مارست الحروب ، وكسرت الخوارج أجفان سيوفها وتجاولوا فأجلت جولتهم عن عبد ربه مقتولا.
Página 135