كان الرجل القادم ذا مظهر صارم عابس.
قال الرجل: «روث، العمال عطشى.»
ومن دون أن تجيبه الفتاة، رفعت الوعاءين ورحلت.
قال الشاب وقد تحول لونه بعض الشيء: «كنت أتلقى بعض الدروس فيما يتعلق بمعتقدكم. كنت متحيرا بشأن بعض الأمور التي سمعتها ووددت لو أطرح بعض الأسئلة بشأنها.»
قال الرجل بنبرة باردة: «الأفضل أن تتلقى الدروس مني أو من بعض الراشدين بدلا من أن تتلقاها من واحدة من صغرى الفتيات في هذا المجتمع. وحين تتعافى بالقدر الذي يسمح لك بأن تستمع إلى شرح وتوضيح لأفكارنا وآرائنا، فإنني آمل أن أسوق إليك البراهين التي ستقنعك أنها أفكار صائبة وآراء سديدة. وإن حدث ووجدت أنها غير مقنعة، فإنه يتعين علي حينها أن أطلب منك ألا تتواصل مع من هم دون منا سنا. إذ يتعين عدم إفسادهم بهرطقات العالم الخارجي.»
نظر ستانفورد إلى روث وهي تقف بجوار البئر الخاصة بالقرية.
وقال: «يا سيدي، أنت تقلل من شأن قدرات من هم دون سنكم على المناقشة والإقناع. وهناك كتاب يتعلق بهذا الموضوع، وأنا في غنى عن أن أذكرك به. إنني مقتنع بالفعل.»
هيئات جونسون التنكرية
قضيت بضعة أسابيع في مدينة جميلة في تيرول والتي يمكن أن أسميها شويندلبورج. لا أريد أن أذكر اسمها الحقيقي؛ لأنها تفرض ما يسمى بضريبة زائر، وهي ضريبة باهظة، وقد حصلت مني هذه الضريبة عن طريق فاتورة الفندق. كما أن هذه المدينة جعلتني أدفع مقابل الاستماع إلى الفرقة الرائعة التي كانت تعزف خلال فترتي الصباح والظهيرة في متنزه كوربارك. تغطي الكثير من المنتجعات الصحية الأوروبية نفقاتها من خلال فرض ضريبة على الزائرين، وهي ممارسة لا تلجأ إليها أي مدينة إنجليزية؛ ومن ثم فإنني أرى أن فرض مثل تلك الضريبة هو ضرب من الابتزاز والخداع، وأحجم عن صنع دعاية لأي مكان يطبقها. صحيح أنك إذا مكثت في مدينة شويندلبورج أقل من أسبوع فإنهم لا يفرضون عليك ضريبة، لكنني لم أكن أعلم ذلك، ولم يقدم لي موظف الفندق - كونه حصيفا بين أبناء جيله - الفاتورة إلا بعد انقضاء هذا الأسبوع بيوم؛ ومن ثم وجدت نفسي مضطرا إلى دفع ضريبة الزائر وكذلك رسوم الاستماع إلى الفرقة الموسيقية قبل أن أعرف بالأمر. وهكذا يكتسب الأحمق الحكمة من خلال سفره إلى الخارج. مكثت في ذلك المكان الرائع، أستمع إلى الفرقة الموسيقية كل يوم، محاولا الحصول على قيمة لقاء أموالي. وكنت أنوي الانفراد بنفسي؛ إذ كنت مشغولا ببعض الأعمال، ولا أريد التعرف إلى أحد، لكن استهوتني جاذبية جونسون؛ ومن ثم كسرت القاعدة. فما فائدة أن تضع لنفسك قاعدة إذا لم تحظ بمتعة كسرها؟
وأعتقد أن أول ما جذبني إلى جونسون كان إهماله التام فيما يتعلق بمظهره الشخصي. فحين ترجل من حافلة الفندق، بدا وكأنه متشرد شبه جدير بالاحترام. كان يرتدي قميصا أزرق من الصوف من دون ياقة أو رابطة عنق. وكان يرتدي كذلك قبعة مترهلة دون أن يتكلف وضع ريشة على غرار سكان تيرول. وكان من الواضح أنه لم يهذب لحيته الكثيفة منذ أسابيع، وكان يرتدي بنطالا إحدى رجليه مطوية لأعلى. ولم يكن يمسك بعصا التسلق الألبية، وكان في ذلك أيضا ميزة مستحسنة. ولذا قلت في نفسي: «هذا رجل متحرر من تقاليد المجتمع. وإذا كنت سأتعرف إلى أحدهم، فسأتعرف إليه.»
Página desconocida