El otro rostro de Cristo: la postura de Jesús sobre el judaísmo – Introducción al gnosticismo
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Géneros
10
وفي إنجيل فيليب نقرأ: «طالما بقيت جذور الشر مختفية فإنها قوية، أما عندما يتم كشفها والتعرف عليها فإنها تتفسخ، وعندما تغدو بينة فإنها تنمحق ... لقد عرى يسوع جذور هذا العالم واجتثها، وعلى كل منا أن ينقب عن جذور الشر في نفسه، ويقتلعها من قلبه حتى أساساتها، وذلك عن طريق تعريتها ومعرفتها، فإذا لم نعرفها فإنها تضرب أكثر في الأعماق، وتعطي ثمارها في قلوبنا ... والحقيقة بدورها مثل الجهل (= الشر)، فطالما أنها مختفية فهي كامنة في نفسها، ولكن عندما يتم التعرف عليها، فإنها تغدو أقوى من الجهل وتعطي الحرية.»
11
وعلى عكس الزرادشتية وغيرها من النظم الدينية التي تبشر ببعث أجساد الموتى في اليوم الأخير، فإن الخلاص الذي تبشر به الغنوصية ليس خلاص الأجساد، بل خلاص الأرواح، إنه خلاص من الجسد ومن العالم في آن معا، لا من الخطيئة والذنوب، وإذا كان هنالك من مفهوم عن «الخطيئة الأصلية» في العقيدة الغنوصية، فإنه سقوط الروح في عالم المادة، وإذا كان هنالك من مفهوم عن التوبة فإنه وعي الإنسان لشرطه الأرضي، وبحثه عن الوحدة المفقودة، مع هذا الوعي تبتدئ الروح رحلة خلاصها وانعتاقها، ويتحول الموت من بوابة إلى القبر، أو معبر إلى دورة تناسخ جديدة، إلى بوابة نحو العالم النوراني الأعلى. إن من حقق العرفان قد بعث من الموت قبل أن يموت، وما عليه سوى ترقب الموت الذي سينزع عنه رداءه المادي ويحوله إلى روح منعتقة، وهذا هو معنى قول يسوع في إنجيل توما الغنوصي: «هذه السماء ستزول والتي فوقها ستزول، ولكن من هم أحياء لن يموتوا، ومن هم أموات لن يحيوا» (الفقرة 11).
ومع ذلك فإن مسئولية العرفان الذي يقود إلى الخلاص، لا تقع على عاتق الإنسان وحده؛ لأن «النعمة الإلهية» حاضرة في صميم فعالية العرفان، وتتجلى هذه النعمة أولا في «النداء الداخلي» المزروع في النفس الإنسانية منذ «السقوط»، وهو النداء الصادر عن قبس النور الراسف في أغلال المادة، والذي يحن إلى العودة إلى مصدره ، مثلما يحن عود القصب الذي صنع منه الناي إلى أصله في الشجرة، عندما يصدر تلك الأصوات الحزينة (على حد تعبير جلال الدين الرومي في المثنوي)، كما تتجلى النعمة الإلهية في الدور الذي يلعبه ابن عبد الله المخلص، الذي جاء إلى العالم لا ليحمل خطيئة العالم، وإنما لينبه البشر من غفلتهم ويفتح بصيرتهم الداخلية، فانطلاق فعالية العرفان، والحالة هذه، يعتمد على ثلاثة عناصر، أولها النداء الداخلي، وثانيها نداء المخلص، وثالثها استجابة الإنسان.
وهذه الاستجابة الأخيرة يجب أن يتبعها جهد حثيث من قبل العارف الذي يتوجب عليه إثبات نفسه من خلال الصراع ضد شهوات طبيعته الجسدية والنفسانية؛ لأن «النفس» التي هي مقر «الروح» تنتمي إلى عالم الديميرج، شأنها في ذلك شأن الجسد.
يلعب نداء المخلص بالنسبة إلى النداء الداخلي دور المنبه والمحرض، فصوت النداء الداخلي خافت بسبب كثافة حجب المادة التي تكتمه، والإنسان أشبه بالنائم أو السكران، ولا بد لإيقاظه من صوت يدعوه وينبهه، قال يسوع في إنجيل توما: «وقفت في وسط العالم، وبالجسد ظهرت لهم، فوجدتهم كلهم سكارى، ولم أجد بينهم ظمآن» (الفقرة 28). ونقرأ في إنجيل الحقيقة: «إن العارف هو الذي تحقق أنه قد جاء من الأعلى؛ ولذا فإنه عندما يدعى يسمع، ويستجيب لداعيه، فيرنو إليه، ويعرف من دعاه ... إنه الآن يعرف من أين أتى وإلى أين سوف يمضي، فهو أشبه بالسكران الذي صحا من سكره وعاد إلى نفسه.»
12
وفي «أعمال يوحنا» المنحولة، وهو من النصوص المعروفة قبل اكتشاف مكتبة نجع حمادي، نقرأ على لسان يسوع: «لم يكن لكم أن تعوا آلامكم ومعاناتكم في هذا العالم، لو لم يرسلني الآب إليكم، لو لم يرسل الآب إليكم الكلمة»،
13
Página desconocida