El otro rostro de Cristo: la postura de Jesús sobre el judaísmo – Introducción al gnosticismo
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Géneros
ولقد أعلن يسوع في مناسبات عديدة سدى الشريعة اليهودية، وضرب مثالا على ذلك من خلال سلوكه وسلوك تلاميذه.
ولعل في حادثة عفوه عن المرأة الزانية، التي أوردها إنجيل يوحنا، أوضح تعبير عن موقف يسوع الحقيقي من هذه المسألة. «أما يسوع فذهب إلى جبل الزيتون ثم عاد عند الفجر إلى الهيكل، فأقبل إليه الشعب كله، فجلس وجعل يعلمهم، فأتاه الكتبة والفريسيون بامرأة أخذت في زنا، فأقاموها في وسط الحلقة وقالوا له: يا معلم، إن هذه المرأة أخذت في الزنا المشهود، وقد أوصانا موسى في الشريعة برجم أمثالها، فأنت ماذا تقول؟ وإنما قالوا ذلك ليحرجوه فيتهموه، فأكب يسوع يخط بإصبعه في الأرض، فلما ألحوا عليه في السؤال جلس وقال لهم: من كان منكم بلا خطيئة فليتقدم ويرمها أولا بحجر، ثم أكب ثانية يخط في الأرض، فلما سمعوا هذا الكلام، انصرفوا واحدا بعد واحد يتقدمهم كبارهم سنا، ولبث يسوع وحده والمرأة في مكانها، فجلس يسوع وقال لها: أين هم أيتها المرأة؟ ألم يحكم عليك أحد؟ فأجابت: لا يا سيدي، فقال لها يسوع: وأنا لا أحكم عليك، اذهبي ولا تعودي إلى الخطيئة» (8: 1-11).
ويسبغ يوحنا على قصة لقاء يسوع بيوحنا المعمدان، والتي أوردها بشكل مختلف عن الإزائيين، معاني لاهوتية خاصة به، فيسوع لم يعتمد على يد يوحنا؛ لأنه الابن المؤله الذي ولد بلا خطيئة يغسلها العماد، وهو أعظم من يوحنا وبالتالي لا موجب لكي يركع أمامه ويعتمد على يديه، ويوحنا يشهد له بأنه ابن الله، وهو الذي رأى دون غيره، الروح القدس ينزل عليه، ولكن من غير أن يعين المكان والزمان: «فسألوه أيضا (الكتبة واللاويون): إذا لم تكن المسيح ولا إيليا ولا النبي، فلم تعمد إذا؟ فأجابهم يوحنا: أنا أعمد بالماء وبينكم من لا تعرفونه ذاك الذي يأتي من بعدي ولست أهلا لأن أحل سيور حذائه ... وفي اليوم الثاني رأى يسوع آتيا نحوه فقال: هو ذا حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم، هذا الذي قلت فيه: يأتي بعدي رجل قد تقدمني؛ لأنه كان قبلي، ولم أكن أعرفه، فجئت أعمد بالماء لكي ينجلي لإسرائيل وشهد يوحنا قال: رأيت الروح ينزل كأنه حمامة فيستقر عليه، ولم أكن أعرفه، ولكن الذي أرسلني أعمد بالماء قال لي: إن الذي ترى الروح ينزل عليه فيستقر، هو ذاك الذي يعمد بالروح القدس، وأنا رأيته وشهدت له بأنه ابن الله» (يوحنا 1: 24-34).
ينفرد يوحنا هنا بتعبير «حمل الله»، وهو من خلال هذا التعبير يقارن بين يسوع وحمل الفصح الذي يضحي به اليهود ابتداء من بعد ظهر اليوم السابق للفصح، والذي يحمل دمه المراق مفعولا تطهيريا وخلاصيا عند اليهود، ولكن على عكس حمل الفصح الذي يطهر اليهود من خطاياهم، فإن حمل الله هذا سوف يحمل خطيئة العالم بأكمله وذلك بموته على الصليب؛ ولهذا السبب فقد انفرد يوحنا عن الإزائيين بجعله واقعة الصلب في اليوم السابق للفصح؛ لكي تكتمل رمزية الفداء وتأخذ أبعادا كونية غير مسبوقة في الأناجيل الإزائية، مؤسسة بذلك لأهم ركن في اللاهوت المسيحي المقبل.
وينعكس اختيار يوحنا لليوم السابق على الفصح يوما للصلب، على قصة العشاء الأخير، فالعشاء الأخير عند الإزائيين كان عشاء فصح وحصل عشية الفصح، أما عند يوحنا فقبل ذلك بأربع وعشرين ساعة، وهنا تختلف الرسالة في كلتا القصتين، فبينما يركز الإزائيون على طقس التناول الذي ابتدره يسوع في تلك الجلسة، عندما أخذ خبزا وبارك ثم كسره وناولهم، وقال: «خذوا هذا هو جسدي، ثم أخذ كأسا وشكر وناولهم فشربوا منها كلهم، وقال لهم: هذا هو دمي، دم العهد، الذي يراق من أجل جماعة كثيرة» (مرقس 14: 22-23)، (راجع أيضا متى 26: 26-28، ولوقا 22: 17-20)، فإن يوحنا يتجاهل هذه المناولة ويستبدلها بقيام يسوع بضرب مثل عملي لتلاميذه على المحبة والتواضع، عندما قام وغسل أرجلهم جميعا (يوحنا 13: 4-6).
ومن أهم خصائص إنجيل يوحنا تركيزه على كراهية يسوع لليهود، وسعي اليهود منذ البداية لقتله والتخلص منه، وإذا كان الإزائيون قد جعلوا من النخبة اليهودية المتمثلة في الفريسيين والكتبة والناموسيين من علماء الشريعة، الخصوم الرئيسيين ليسوع فإن إنجيل يوحنا يشير على الدوام إلى اليهود جملة باعتبارهم خصوما ليسوع يرومون هلاكه بسبب إفساده للعقيدة: «وأخذ يسوع بعد ذلك يسير في الجليل، ولم يشأ أن يسيروا في اليهودية؛ لأن اليهود كانوا يريدون قتله ... وكان اليهود يطلبونه في العيد، ويقولون: أين هو» (يوحنا 7: 25-26) وقد وصف يسوع اليهود بأبشع الأوصاف، فهم أولاد الأفاعي وقتلة الأنبياء وأولاد الشيطان: «فقال يسوع لليهود ... إنكم أولاد أبيكم إبليس، وأنتم تريدون إتمام شهوات أبيكم، ذاك كان منذ البدء مهلكا للناس لم يثبت على الحق» (يوحنا 8: 31-44). (7) رسالة يسوع في إنجيل يوحنا
في الأناجيل الإزائية تمحورت أقوال يسوع حول الأب السماوي، وقرب حلول ملكوت الله الذي سيفتتحه المسيح في قدومه الثاني، هابطا من السماء على جناح الغمام، فيفصل بين الأشرار والأخيار، ويرسل الأشرار إلى عذاب أبدي، ويجعل الأخيار ينعمون بسعادة أبدية، أما يسوع يوحنا فلا يبدي انشغالا بملكوت الله، وهذا التعبير لم يرد في أقواله إلا مرة واحدة (بينما ورد في الأناجيل الإزائية ثمانين مرة)، وحتى في هذه الحالة فقد اتخذ مفهوم ملكوت الله معاني مختلفة تماما عن معناه لدى الإزائيين، نقرأ في يوحنا 3: 5-8: «الحق، الحق أقول لك: ما من أحد يمكنه أن يرى ملكوت الله إلا إذا ولد من عل، فقال له نيقوديموس: كيف يسع الإنسان أن يولد وهو شيخ كبير؟ أيستطيع أن يدخل في بطن أمه ثانية ثم يولد؟ أجاب يسوع: الحق، الحق أقول لك، ما من أحد يمكنه أن يدخل ملكوت الله إلا إذا ولد وكان مولده من الماء والروح، فمولود الجسد يكون جسدا، ومولود الروح يكون روحا.» أي إن دخول الملكوت لن يتيسر في زمن مقبل، بل هو متاح الآن وهنا إذا مات الإنسان عن نفسه وعاش في الله.
ورسالة يسوع ليست رسالة آخروية وإنما هي رسالة عرفان روحي، يتحقق من خلال معرفة الابن الذي هو تجسيد لله على الأرض، والإيمان بأنه ابن الله الوحيد، الذي حمل الخلاص للعالم بموته على الصليب؛ لهذا فإن يوحنا لا يهتم في مطلع إنجيله بتتبع الأصل الأرضي ليسوع، على طريقة متى ولوقا، وإنما يفتتح نصه بمقدمة فلسفية صوفية تتتبع أصل يسوع السماوي، باعتباره الكلمة-الابن، الذي كان عند الله منذ الأزل، والذي صار جسدا وحل بين الناس في هيئة يسوع الناصري، الابن الوحيد الذي أتى من لدن الآب، نقرأ في إنجيل يوحنا 1: 1-18: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، والكلمة هو الله، كان منذ البدء لدى الله، به كل كل شيء، وبغيره لم يكن شيء مما كان، هو الحياة لكل موجود، والحياة نور الناس، والنور يضيء في الظلمات، ولا تغشاه الظلمات، ظهر رسول من لدن الله اسمه يوحنا، جاء شاهدا ليشهد للنور، فيؤمن على يديه جميع الناس، لم يكن هو النور، بل شاهدا للنور، الكلمة هو النور الحق الذي ينير كل إنسان، كان قادما إلى العالم، وكان في العالم، ولم يعرفه العالم، جاء إلى بيته، فما قبله أهل بيته، أما الذين قبلوه فقد أولاهم أن يصيروا أبناء الله، هم الذين آمنوا باسمه، وهو ليس من دم، ولا من رغبة ذي لحم، بل الله ولده، والكلمة صار بشرا فسكن بيننا فرأينا مجده، مجد الابن الواحد الذي أتى من لدن الأب ملؤه النعمة والحق، شهد له يوحنا فهتف: هذا الذي قلت فيه إن الذي يأتي بعدي قد تقدمني؛ لأنه كان قبلي، ومن ملئه نلنا بأجمعنا نعمة على نعمة؛ لأن الشريعة أتتنا على يد موسى، وأما النعمة والحق فقد بلغا إلينا على يد يسوع المسيح، ما من أحد رأى الله، الابن الواحد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه.»
ويكمل هذه المقدمة ما ورد على لسان يسوع في الإصحاح الثالث: «لم يصعد أحد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء ... إن الله بلغ من حبه للعالم أن جاد بابنه الواحد، لكي لا يهلك من يؤمن به، بل ينال الحياة الأبدية، فإن الله لم يرسل ابنه إلى العالم ليحكم على العالم، بل ليخلص العالم، فمن يؤمن به لا يحكم عليه، ومن لم يؤمن به حكم عليه؛ لأنه لم يؤمن باسم ابن الله وواحده، وإنما الدينونة هي أن النور جاء إلى العالم، فاستحب الناس الظلام على النور؛ لأن أعمالهم سيئة» (يوحنا 3: 13-19).
من هنا، فقد كان اللقب الذي أحب يسوع يوحنا أن يستخدمه في الإشارة إلى نفسه هو لقب الابن، الابن الغريب عن هذا العالم، «فقال لهم (لليهود) أنتم من أسفل أما أنا فمن فوق، أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم» (8: 23). وهذا بالفعل هو جوهر رسالة الإنجيل الرابع: يسوع الابن، ابن الله الآب، الذي جاء من عند الآب وإلى الآب يعود: «لأني من الله خرجت وأتيت، وما أتيت من نفسي بل هو الذي أرسلني» (8: 42). «لأن الكلام الذي بلغتنيه بلغتهم إياه، فقبلوه وعرفوا حقا أني من لدنك أتيت، وآمنوا بأنك أنت أرسلتني» (17: 8). «أتيت من لدن الآب وجئت إلى العالم، أما الآن فإني أترك العالم وأمضي إلى الآب» (16: 28). «لأني إلى الآب ذاهب» (14: 12). والطريق إلى معرفة الآب هي معرفة الابن لأنهما من طبيعة واحدة: «أنا هو الطريق والحق والحياة، لا يمضي أحد إلى الآب إلا إذا مر بي، فإذا كنتم تعرفونني عرفتم أبي أيضا، وقد عرفتموه ورأيتموه ... من رآني رأى الآب ... صدقوا قولي: إني في الآب، وإن الآب في» (14: 6-11).
Página desconocida