El otro rostro de Cristo: la postura de Jesús sobre el judaísmo – Introducción al gnosticismo
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Géneros
أترى هذه المرأة؟ إني دخلت بيتك فما سكبت على قدمي ماء، وأما هي فبالدموع بللت قدمي وبشعرها مسحتهما، أنت ما قبلتني قبلة أما هي فلم تكف عن تقبيل قدمي، أنت ما دهنت رأس بزيت، أما هي فبالطيب دهنت قدمي، أقول لك: إنما غفرت لها خطاياها الكثيرة؛ لأنها أحبت كثيرا، وأما الذي يغفر له القليل فإنه يحب قليلا.
عند يوحنا 12
جاء يسوع قبل الفصح بستة أيام إلى بيت عنيا، حيث كان لعازر الذي أقامه من بين الأموات، فأعد له عشاء، وأخذت مرتا (أخت لعازر) تخدم، وكان لعازر في جملة الذين كانوا على الطعام فتناولت مريم (أخت لعازر الأخرى) حقة طيبة من الناردين الخالص غالية الثمن، ودهنت قدمي يسوع ثم مسحتهما بشعرها، فعبق البيت بالطيب، فقال يهوذا الإسخريوطي، أحد تلاميذه، وهو الذي كان مزمعا أن يسلمه: لماذا لم يبع هذا الطيب بثلاثمائة دينار، ليتصدق بها على الفقراء؟ ولم يقل هذا لعطفه على الفقراء، بل لأنه كان لصا، وكان مؤتمنا على صندوق الدراهم، فيختلس ما يدفع فيه، فقال يسوع: دعها ، فإنها حفظت هذا الطيب ليوم دفني، أما الفقراء، فهي عندكم دائما أبدا، وأما أنا فلست عندكم دائما أبدا (12: 1-8).
ولقد أكدت الأناجيل الإزائية على أعمال يسوع الشفائية، وطرده للشياطين من أجساد المرضى والممسوسين، ولكن هذا العنصر غائب تقريبا في إنجيل يوحنا، فمن بين عمليات الشفاء الكثيرة الواردة لدى الإزائيين لم يحتفظ يوحنا إلا بواحدة فقط، قدمها بشكل معدل، وهي قصة شفائه لخادم موظف روماني، التي حولها يوحنا إلى شفائه لابن واحد من موظفي ملك الجليل، مما شرحناه منذ قليل، ثم أضاف يوحنا إلى هذه الحادثة، حادثتين من عنده لم تردا عند الإزائيين، الأولى شفاؤه لرجل مقعد بكلمة من فمه: قم احمل سريرك وامش (5: 2-9)، والثانية شفاؤه لأعمى منذ الولادة، عندما طلى عينيه بعجينة من تراب الأرض مزجها بلعابه (9: 1-7)، وفيما عدا ذلك فقد وردت مجرد إشارات عامة إلى أن يسوع كان يصنع آيات في المرضى (6: 2)، وربما يرجع ذلك إلى ارتباط هذه الظواهر الشفائية لدى الإزائيين بفكرة قرب حلول مملكة الرب، التي لم يركز عليها يسوع يوحنا، ولم تكن فكرة محورية في لاهوت الإنجيل الرابع.
وبالمقابل فإن يوحنا أكد على معجزات يسوع، واعتبرها «آيات» تشف عن أصله السماوي فوق الطبيعي، فإلى جانب معجزة تكثير خمسة أرغفة وسمكتين، لإطعام خمسة آلاف شخص، ومعجزة سير يسوع على الماء، التي اشترك بهما مع الأناجيل الإزائية، فقد انفرد إنجيل يوحنا بمعجزة تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا (2: 1-11)، وقصة إحياء الشاب لعازر (أخي مرتا، ومريم التي سكبت الطيب على قدمي يسوع) بعد أربعة أيام من موته (11: 1-45)، وهي المعجزة التي صنعت له شهرة كبيرة في اليهودية، وأقنعت أحبار اليهود بأنه لا بد من قتل يسوع.
وردت قصة معجزة تحويل الماء إلى خمرة في الإصحاح الثاني من إنجيل يوحنا، بعد أن جمع يسوع إليه التلاميذ الخمسة الأوائل، فكانت أول عمل علني ليسوع افتتح به حياته التبشيرية، نقرأ في يوحنا 2: 1-12 ما يلي: «كان في قانا الجليل عرس وكانت فيه أم يسوع فدعي يسوع وتلاميذه إلى العرس، ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له: لم يبق عندهم خمر، فقال لها يسوع: ما لي ولك أيتها المرأة؟ لم تأت ساعتي بعد، فقالت أمه للخدم: افعلوا ما يأمركم به، وكان هناك ست أجاجين لقضاء الطهارة تسع كل واحدة منها مقدار مكيالين أو ثلاثة، فقال لهم يسوع: املئوا الأجاجين ماء، فملئوها حتى طفحت، فقال لهم: اغرفوا الآن وناولوا وكيل المائدة، فناولوه فذاق وكيل المائدة الماء الذي صار خمرا، وكان لا يدري من أين أتت، غير أن الخدم الذين استقوا يدرون، فدعا وكيل المائدة العريس، وقال له: جرت عادة الناس أن يقربوا الخمرة الجيدة أولا، فإذا أخذ منهم الشراب قربوا ما كان دونها في الجودة، أما أنت فأخرت الخمر الجيدة إلى الآن. فهذه أولى آيات يسوع أتى بها في قانا الجليل، فأظهر مجده فآمن به تلاميذه.»
أما معجزة إقامة لعازر من بين الأموات فقد تمت في آخر حياة يسوع التبشيرية، نقرأ في يوحنا 11: 1-45 ما يلي: «وكان رجل مريض يدعى لعازر من بيت عنيا، من قرية مريم وأختها مرتا، ومريم هي التي دهنت الرب بالطيب ومسحت قدميه بشعرها، وكان لعازر المريض أخاها، فأرسلت أختاه تقولان: ربنا، إن الذي تحبه مريض، فقال يسوع حين بلغه الخبر: ليس هذا المرض مرض الموت، بل مآله إلى مجد الله، ليتمجد به ابن الله، وكان يسوع يحب مرتا وأختها ولعازر، على أنه لبث في مكانه يومين بعدما عرف أنه مريض، ثم قال لتلاميذه بعد ذلك: لنعد إلى اليهودية، فقال له تلاميذه: رابي (= يا معلم) أتعود إلى هناك وقد أراد اليهود رجمك منذ قريب؟ فأجاب يسوع: أليس النهار اثنتي عشرة ساعة؟ فمن سار في النهار لا يعثر لأنه ينظر نور هذا العالم، ومن سار في الليل يعثر لأنه ليس فيه نور، وقال لهم بعد ذلك: إن صديقنا لعازر راقد، فأنا ذاهب لأوقظه، فقال له تلاميذه: ربنا، إذا كان راقدا فسيشفى. وكان يسوع يعني موته، فظنوا أنه أراد به رقاد النوم، فقال لهم يسوع موضحا: قد مات لعازر، ويسرني، رحمة لكم كي تؤمنوا، أني لم أكن هناك فلنمض إليه ... فلما وصل يسوع رأى أنه في القبر منذ أربعة أيام ... وكان كثير من اليهود قد جاءوا إلى مرتا ومريم يعزونهما عن أخيهما، فلما سمعت مرتا بمجيء يسوع خرجت لاستقباله، ولبثت مريم قاعدة في البيت، فقالت مرتا ليسوع: يا سيد، لو كنت هنا لما مات أخي، ولكني ما زلت أعلم أن الله يعطيك جميع ما تسأله إياه. فقال لها يسوع: سيقوم أخوك. قالت له: أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الآخر. فقال لها يسوع: أنا القيامة من آمن بي يحيا وإن مات، ومن يحيا مؤمنا بي لا يموت أبدا. أتؤمنين بهذا؟ قالت له: نعم يا سيد أؤمن بأنك المسيح ابن الله الذي يأتي إلى العالم ... قال: أين وضعتموه؟ قالوا: تعال سيدي فانظر، فدمعت عينا يسوع فقال اليهود: ما أشد ما كان يحبه. على أن بعضهم قالوا: أما كان بوسعه أن يرد الموت عنه، وهو الذي فتح عيني الأعمى؟ فارتعشت نفس يسوع ودنا من القبر، وهو كناية عن مغارة وضع عليها حجر، فقال يسوع: ارفعوا الحجر. فقالت مرتا: هذا يومه الرابع، لقد أنتن، قال لها يسوع: ألم أقل لك إني آمنت بي ترين مجد الله؟ فرفعوا الحجر، ورفع يسوع عندئذ عينيه وقال: شكرا لك يا أبت لأنك استجبت لي، وقد علمت أنك تستجيب لي في كل حين، ولكني قلت هذا من أجل أولئك الناس الذين يحدقون بي؛ لكي يؤمنوا أنك أنت الذي أرسلتني، وصاح بعد ذلك بأعلى صوته: هلم لعازر فاخرج. فخرج الميت مشدود اليدين والرجلين بالعصائب ملفوف الوجه بمنديل، فقال لهم يسوع: حلوه ودعوه يذهب، فآمن به كثير من اليهود الذين جاءوا إلى مريم إذ رأوا ما صنع.»
كما انفرد يوحنا بذكر حادثتين تحملان دلالات بعيدة الأثر، الأولى حادثة العفو عن الزانية، التي أعلن فيها يسوع صراحة معارضته لشريعة موسى، والثانية لقاؤه مع امرأة سامرية عندما مر في أراضي السامرة، منتهكا العرف اليهودي بتجنب المرور في أراضي السامريين، والاحتكاك بهم وإقامة أي علاقة معهم، وقد شف حواره مع المرأة السامرية بشكل خاص عن بعض الجوانب المهمة في لاهوت يوحنا.
نقرأ في يوحنا 4: 4-24 «فوصل إلى مدينة سامرية تدعى سيخارة، بالقرب من الأرض التي جعلها يعقوب لابنه يوسف، وفيها بئر يعقوب، وكان يسوع قد تعب من المسير فقعد على حافة البئر، وكانت الساعة نحو السادسة، فجاءت امرأة من السامرة تستقي، فقال لها يسوع: اسقيني، وكان التلاميذ قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا قوتا، فقالت له المرأة (وقد ظنته يهوديا): أنت يهودي وأنا سامرية فكيف تستقيني؟ فأجابها يسوع: لو كنت تعرفين عطاء الله، ومن هو الذي يقول لك اسقيني، لسألته أنت فأعطاك ماء حيا، قالت له: سيدي ليس لك ما تستقي به، والبئر عميقة، فمن أين لك الماء الحي؟ هل أنت أعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا هذه البئر، وشرب منها هو وماشيته، فأجابها يسوع: من يشرب من هذا الماء فلا بد له أن يظمأ، وأما الذي يشرب من الماء الذي أعطيه إياه فلن يظمأ أبدا، فالماء الذي أعطيه إياه يصير فيه عين ماء يتفجر حياة أبدية، قالت المرأة: سيدي أعطني هذا الماء؛ لكي لا أظمأ فأعود إلى الاستسقاء من هنا، قال لها: اذهبي فادعي زوجك وارجعي إلى هنا، أجابت المرأة: ليس لي زوج، فقال لها يسوع: أصبت إذ قلت ليس لي زوج، فقد اتخذت خمسة أزواج وأما الذي يصحبك اليوم فليس بزوجك لقد صدقت، قالت المرأة: سيدي أرى أنك نبي، قد تعبد آباؤنا في هذا الجبل، وأنتم تقولون إن أورشليم هي المكان الذي فيه يجب التعبد، قال لها يسوع: صدقيني يا امرأة ستأتي ساعة تعبدون فيها الآب لا في هذ الجبل ولا في أورشليم، أنتم تعبدون ما تجهلون، ونحن نعبد ما نعلم؛ لأن الخلاص هو من اليهود، ستأتي ساعة بل أتت الآن، يعبد فيها العباد الصادقون الآب بالروح والحق؛ لأن الآب يريد مثل هؤلاء العباد، إن الله روح، فيجب على العباد أن يعبدوه بالروح والحق.»
لقد أعلن يسوع للمرأة السامرية عن زوال العبادات الشكلانية القديمة، والتأسيس لعبادة روحية جديدة، عبادة القلب لا عبادة الحرف، في هذه العبادة لم يعد لهيكل أورشليم مبرر؛ لأن الله سوف يعبد في كل مكان من دون ذبائح ولا محارق يصعد دخانها إلى عنان السماء ليتشممها يهوه فيرضى، وقبل ذلك يجب التخلص من اليهود ومن معتقداتهم البالية.
Página desconocida