El otro rostro de Cristo: la postura de Jesús sobre el judaísmo – Introducción al gnosticismo
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Géneros
تبدي خاتمتا مرقس ومتى في شكلهما الأخير عددا من التباينات، فمرقس يذكر ثلاث نسوة هن: مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب، وسالومة، بينما يذكر متى امرأتين فقط، هما: مريم المجدلية، ومريم الأخرى (التي كان قد دعاها في الإصحاح 27: 56 بأم يعقوب وموسى)، وفي نص مرقس تجد النسوة أن الحجر قد دحرج عن مدخل القبر، فيدخلن ليجدن شابا جالسا عن اليمين، يخبرهن بأن يسوع قد قام وأنه سيلتقي بتلامذته في الجليل، أما في نص متى فتجد النسوة أن الحجر قد دحرج عن مكانه بسبب زلزال، ويرين ملاك الرب جالسا فوقه، ومنظره كالبرق وثيابه بيضاء كالثلج، فيخبرهن بأن يسوع قد قام، ويأمرهن بالإسراع لإعلام تلاميذه بذلك؛ لأنه سيسبقهم إلى الجليل حيث يرونه هناك. وبدون أن تتأكد المرأتان من فراغ القبر، تسرعان في خوف وفرح لإعلام التلاميذ.
يظهر الانقطاع في نص مرقس واضحا، فبعد أن يقول بأن النسوة الثلاث خرجن من القبر هاربات، وقد أخذتهن الرعدة والدهشة، ولم يخبرن أحدا لأنهن كن خائفات، يتابع قوله: «قام يسوع صباح الأحد فتراءى أولا لمريم المجدلية ...» فذهبت وأخبرت التلاميذ الذين لم يصدقوها، ثم بعد ذلك تراءى لاثنين منهم وهم على الطريق إلى إحدى القرى، فراحا أيضا وأخبرا البقية الذين ظلوا على عدم تصديقهم، وأخيرا ظهر يسوع للتلاميذ الأحد عشر وهم مجتمعون للطعام، فوبخهم على قلة إيمانهم ثم وجههم للتبشير بين الخلق أجمعين، وبعد ذلك يرتفع إلى السماء أمام أعينهم، أما عند متى فإن يسوع لا يظهر إلا مرة واحدة للتلاميذ الأحد عشر الذين سبقوه إلى الجليل، وهذا يعني أنه ظهر لهم بعد عدة أيام من قيامته، لا في يوم القيامة نفسه ولا في أورشليم، كما هو الأمر عند مرقس، ولا يأتي متى على ذكر ظهور يسوع للمجدلية ولا للتلميذين الآخرين، ثم إن الخاتمة عند متى لا تنتهي بصعود يسوع إلى السماء، وإنما بقوله: «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم ... وها أنا ذا معكم طوال الأيام إلى انقضاء الدهر».
فإذا انتقلنا إلى خاتمة لوقا وجدناها الأكثر إطالة وتفصيلا، وغنى بالحوارات والعناصر الأدبية، يقول لوقا:
الإصحاح الثالث والعشرون (55) وكان النسوة اللواتي جئن من الجليل مع يسوع يتبعن يوسف، فأبصرن القبر وكيف وضع فيه جسده. (56) ثم رجعن وأعددن طيبا وحنوطا، واسترحن في السبت على ما تقضي به الوصية.
الإصحاح الرابع والعشرون (1) وجئن عند فجر الأحد إلى القبر وهن يحملن الطيب الذي أعددنه. (2) فوجدن الحجر قد دحرج عن القبر. (3) فدخلن فلم يجدن جسد الرب يسوع. (4) وبينما هن في حيرة؛ إذ تراءى لهن رجلان عليهما ثياب براقة. (5) فاستولى عليهن الخوف ونكسن وجوههن نحو الأرض، فقالا لهن: لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات؟ (6) إنه ليس ها هنا بل قام، اذكرن ما أنبأكن إذ كان في الجليل. (7) قائلا: يجب على ابن الإنسان أن يسلم إلى أيدي الخاطئين، ويصلب ثم يقوم في اليوم الثالث. (8) فذكرن كلامه. (9) ورجعن من القبر فأخبرن الأحد عشر والآخرين جميعا بهذه الأحداث كلها. (10) وهن مريم المجدلية وحنة ومريم أم يعقوب، وكذلك سائر النسوة اللواتي صحبنهن أخبرن الرسل بذلك ، فبدا لهم هذا الكلام ضربا من الهذيان ولم يصدقوهن، غير أن بطرس قام فأسرع إلى القبر، فلم ير عند انحنائه غير اللفائف، فانصرف متعجبا مما حدث. (13) واتفق أن اثنين منهم كانا ذاهبين في ذلك اليوم إلى قرية يقال لها عماوس، على مسافة ستين غلوة من أورشليم. (14) وكانا يتحدثان بهذه الأمور كلها. (15) وإنهما ليتحدثان ويتجادلان إذ يسوع نفسه قد دنا منهما وأخذ يسير معهما. (16) على أن أعينهما حجبت عن معرفته. (17) فقال لهما: ما هذا الحديث الذي تخوضان فيه وأنتما سائران؟ فوقفا مكتئبين. (18) وأجابه أحدهما واسمه كلاوبا: أأنت وحدك تقيم في أورشليم ولا تعلم ما حدث فيها هذه الأيام؟ (19) فقال لهما: ماذا؟ قالا له: ما حدث فيها ليسوع الناصري، وكان نبيا مقتدرا على العمل والقول عند الله والشعب كله. (20) كيف أسلمه الأحبار وأولياء أمرنا ليحكم عليه بالموت، وكيف صلبوه. (21) وهو الذي كنا نرجو أن يعتق إسرائيل ومع ذلك كله فهذا هو اليوم الثالث لتلك الأحداث التي وقعت. (22) غير أن نسوة منا قد حيرتنا، فإنهن قد بكرن إلى القبر. (23) فلم يجدن جسده فرجعن وقلن إنهن أبصرن ملائكة تراءوا لهن وقالوا إنه حي. (24) فذهب بعض أصحابنا إلى القبر فوجدوا الحال على ما قالت النسوة ولكنهم لم يروه. (25) فقال لهما: بل قليلي الإدراكي وبطيئي القلب عن الإيمان بكل ما تنطق به الأنبياء. (26) أما كان يجب على المسيح أن يعاني هذه الآلام فيدخل في مجده؟ (27) ثم أخذ يفسر لهما ما يعنيه مما ورد في جميع الكتب من موسى إلى سائر الأنيباء. (28) ولما اقتربوا من القرية التي يقصدان إليها، أظهر لهما أنه ماض إلى مكان بعيد. (29) فتمسكا به وقالا: أمكث معنا، فقد حان المساء ومال النهار فدخل ليمكث معهما. (30) ولما جلس معهما إلى الطعام أخذا خبزا وبارك ثم كسره وناولهما. (31) فانفتحت أعينهما وعرفاه فتوارى عنهما. (32) فقال أحدهما للآخر: أما كان قلبنا متقدا في صدرنا حين حدثنا في الطريق وفسر لنا الكتب؟ (33) ثم قاما من ساعتهما ورجعا إلى أوشليم ، فوجدا الأحد عشر وأصحابهم مجتمعين. (34) وكانوا يقولون: قام الرب حقا وتراءى لسمعان. (35) فرويا لهم ما حدث في الطريق، وكيف عرفاه عند كسر الخبز. (36) وإنهما ليتكلمان، إذ هو يتوسطهم فيقول: السلام عليكم. (37) فدهشوا وخافوا وتوهموا أنهم يرون روحا. (38) فقال لهم: ما بالكم مضطربين ولم ثارت الأوهام في نفوسكم؟ (39) انظروا إلى يدي ورجلي أنا هو بنفسي، المسوني وتوحققوا، فإن الروح ليس لها لحم ولا عظم كما ترون لي. (40) قال هذا وأراهم يديه ورجليه. (41) غير أنهم لم يصدقوا من الفرح يتعجبون فقال لهم: ألديكم ما يؤكل؟ (42) فناولوه قطعة سمك مشوي. (43) فأخذها وأكل على مرأى منهم. (44) ثم قال لهم: ذاك كلامي الذي قلته لكم إذ كنت معكم، وهو أنه يجب أن يتم كل ما كتب في مصيري في شريعة موسى وكتب الأنبياء والمزامير. (45) فحينئذ فتح أذهانهم ليفهموا الكتب. (46) وقال لهم: كتب أن المسيح يتألم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثالث. (47) ويدعى باسمه في جميع الأمم إلى التوبة لغفران الخطايا، ويبتدأ بذلك في أورشليم. (48) وأنتم شهود على ذلك. (49) وسأرسل إليكم ما وعد به أبي فامكثوا في المدينة إلى أن تنزل عليكم القوة من العلا. (50) ثم خرج إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم. (51) وبينما هو يباركهم انفصل عنهم ورفع إلى السماء. (52) فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم. (53) وكانوا يلازمون الهيكل لله مسبحين.
تظهر لنا المقارنة بين رواية لوقا هذه وروايتي مرقس ومتى عددا من خصوصيات خاتمة لوقا. فالنساء الثلاث عند مرقس، وهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة، والمرأتان عند متى وهن مريم المجدلية ومريم الأخرى (أم يعقوب ويوسي) يتحولن إلى عدد غير محدد من النساء اللواتي جئن من الجليل وتبعن يسوع، وشهدن صلبه وموته ودفنه، وأبصرن القبر الذي وضع فيه جسده، ثم ذهبن فأعددن طيبا وحنوطا واسترحن في السبت، ثم جئن إلى القبر في صباح الأحد، وعندما دخلن لم يجدن جسد يسوع، ولكنهن وجدن رجلين عليهما ثياب براقة لا رجلا واحدا كما هو الحال عند مرقس، فرجعن من القبر وأخبرن التلاميذ، وكان بينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وحنة، لا مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة كما هو الحال عند مرقس، ولكن التلاميذ رأوا في خبر النسوة ضربا من الهذيان، وكان لا بد لهم من شهادة رجل موثوق، فذهب بطرس بنفسه وتحقق من خلو القبر، وذهاب بطرس هذا، عنصر انفرد به لوقا.
ثم إن لوقا يغض الطرف عن ظهور يسوع للمجدلية أولا، ويجعل ظهوره الأول للاثنين اللذين ورد ذكرهما عند مرقس (16: 12)، ولكنهما لا يتعرفان عليه للوهلة الأولى، وهنا يتوقف لوقا ليسرد حوارية بين يسوع والتلميذين تنتهي بأن يتعرفا على يسوع عندما جلس معهما للطعام، وأخذا خبزا وبارك ثم كسره وناولهما، ثم قاما ورجعا إلى أورشليم، وعندما كانا يسردان لبقية التلاميذ ما وقع لهما، عرفا أن يسوع قد تراءى أيضا لسمعان (بطرس)، ولكن دون تفاصيل، وهنا يحصل الظهور الأخير ليسوع عندما تجلى أمام التلاميذ الأحد عشر.
ولكي يزيد لوقا في التوكيد على أن ظهور يسوع لم يكن ظهورا شبحيا، وإنما ظهورا ماديا حقيقيا، فقد جعله يطلب من التلاميذ أن يلمسوه، وأراهم موضع المسامير في يديه ورجليه من أثر الصلب، وكما أكل مع التمليذين أولا، فقد طلب منهم أن يأكل معهم، فناولوه قطعة سمك مشوي، وأكل أمام أنظارهم، وبعد أن فتح أعينهم على معنى رسالته التي عليهم إكمالها، انفصل عنهم وصعد إلى السماء. (6) رسالة يسوع في الأناجيل الإزائية
إن الأناجيل الإزائية، على اختلافها في التفاصيل، تقدم لنا سيرة واحدة ليسوع ووجها واحدا لشخصيته وتعاليمه، حتى لتبدو وكأنها إنجيل واحد في ثلاثة تنويعات.
ولقد أعلن يسوع عن جوهر رسالته في مطلع إنجيل مرقس، في أول تعاليمه العلنية، حيث نقرأ في الإصحاح الأول: 14-15: «وبعد أن أسلم يوحنا، جاء يسوع إلى الجليل يعلن بشارة الله، فيقول: قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل.»
Página desconocida