الفن المصري في العراق
صديقي
أقدم إليك أصدق التحيات، وأذكر بالحمد الجزيل تلك التحية النبيلة يوم حضرت ومعك جميع الأساتذة المحررين بالصباح لتوديعي بمحطة القاهرة يوم الرحيل إلى العراق.
وبعد، فقد كان في النية أن أحدثكم عن معركة أدبية أثارتها مجلة الصباح في بيروت، ولكني اليوم أسارع فأحدثكم عن الفن المصري في العراق، وأؤجل الحديث عن تلك المعركة إلى حين.
وأرجو ألا تدهش حين تراني أتحدث عن الفن المصري بروح العطف، فقد علمتني الغربة أشياء كثيرة، أهمها: التلطف في الحديث عن المواطنين الأعزاء، وهل تصدق أن اسم الدكتور طه حسين لا يجري على لساني في بغداد إلا معطرا بأطيب آيات الثناء؟ هل تصدق أني أقول في بغداد إن الدكتور طه حسين أديب عظيم وإنه دان الأدب العربي أثقل الدين؟
ذلك أدب تعلمته في الاغتراب، فقد رأيت أن الرجل الكريم لا يليق به أن يذكر مواطنيه وهو غريب إلا بالخير، ولا ينبغي له أن يتحدث عن قومه بغير الثناء.
وأعود فأقول: إن أغاني أم كلثوم هي اليوم أجمل زاد يتزود به أهل الوجدان في العراق ، فحيثما حللت، وحيثما تلفت، سمعت صوت أم كلثوم، فهذه المطربة المصرية هي في هذه الأيام الريحانة الندية التي تشتاقها الأرواح والقلوب في جميع أرجاء العراق.
وقد جلسنا نسمر منذ ليال مع الأستاذ فؤاد جميل سكرتير الإذاعة بوزارة المعارف فقال:
سنفاجئكم بعد ليلتين بأعجوبة ترتاح لها النفوس والأذواق!
فقلت: وما عسى أن تكون تلك المفاجأة يا صاح؟
Página desconocida