Ilusión de Constantes: Lecturas y Estudios en Filosofía y Psicología
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Géneros
ثم إننا نعلم أن كثيرا من ألفاظ التعجب كانت في وقت ما كلمات لها معان محددة، لاحظ: الكلمة الفرنسية
diable (اللعنة)،
mordieu (الله) من
mort dicu (في الإنجليزية:
Zounds goodness ). إذن فالألفاظ التي توحي بمعناها وألفاظ التعجب ذات أهمية ثانوية، وأصلها الرمزي موضع خلاف.
15
وقع كثير من النحاة العرب في الغلو في خصائص اللغة، وذهب بهم إعجابهم باللغة العربية بعيدا بحيث تصوروا فيها ما لا وجود له إلا في خيالهم، وأضفوا عليها من مظاهر السحر ما لا يصح في الأذهان ولا تتصف به لغة من لغات البشر.
16
من ذلك أنهم كانوا يؤمنون إيمانا قويا بوجود «مناسبة» بين اللفظ والمعنى، أو رابطة عقلية منطقية بين الأصوات ومدلولاتها، ولا يتصورون أن الأمر يمكن أن يكون اعتباطيا مرده إلى التكرار والعادة، وأن يكون وهميا ناتجا عن التداعي وميل العقل إلى الربط والتعميم. يقول ابن جني في كتابه : «التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري»: «وقد ذهب بعضهم إلى أن العبارات كلها إنما أوقعت على حكاية الأصوات وقت وقوع الأفعال، ولا أبعد أن يكون الأمر كذلك، ثم إنها تداخلت وضورع ببعضها بعض، ألا ترى أن الخضم لكل رطب والقضم لكل يابس، وبين الرطب واليابس ما بين الخاء والقاف من الرخاوة والصلابة ... وهذا باب إنما يصحب وينجذب لمتأمله إذا تفطن وتأتى له، ولاطفه ولم يجف عليه، ومنه قولهم: «بحثت» التراب ونحوه، وهو على ترتيب الأصوات الحادثة عنده؛ فالباء للخفقة بما يبحث به عن التراب، والحاء فيما بعد كصوت رسوب الحديدة ونحوها إذا ساخت في الأرض، والثاء لحكاية صوت ما ينبث من التراب فتأمله، فإن فيه غموضا. فأما قولهم: بحثت عن حقيقة هذا الأمر، وبحثت عن حقيقة هذه المسألة، فاستعارة للمبالغة في طلب ذلك المعنى، ولا تترك الحقيقة إلى المجاز إلا لضرب من المبالغة، ولولا ذلك لكانت الحقيقة أولى من المجاز.»
17
Página desconocida