Único en Conducta

Ibn Nuh Qusi d. 704 AH
84

Único en Conducta

Géneros

============================================================

الوحيد في سلوك أهل التوحيد ما بين مطعوم الأطعمة، ويتلذذ بكاه منها على حسب طعمه، وكذلك وجد له مشاما يدرك الأرياح الطيبة من الخبيثة على اختلاف أنواعها وأجناسها من الرياحين والشمومات كلها، والمسك والعنبر والتد والعود والقرنفل وكل مشموم يفرق به بين المطبوخ من الأطعمة بالمشام، وكذلك في سائر هذه الحاسية.

وكذلك حاسية اللمس يدرك فيها جميع الملموسات من الخشونة والنعومة والحرارة والبرودة، ويرى به في جميع معانيها المخلوقة لها، وجعل له يذا يبطش ها وينتفع ها في مأكله ومشربه ومدخله ومخرجه، ويدفع ها عدوه وكتابة ما يحتاج من ذلك، ويذا أخرى لقضاء حاجته، وللمس ما يختار آن يلمس بيمينه، وكذلك جعل له رجلين يسعى هما في مهماته وحركاته وسكناته إلى انتهاء النفع هما، وجعل له بطنا يجمع له فيها من الغرائب والعجائب ما قدمنا ذكره من أحوال القلب والأسرار الإهية، وما لا يسع هذه العجالة شرحه وستر ما فيه عن الناس وجعله أمينا عليه ووكل به من يحفظه له، وفيه ما لا يحتاج ذكره، وكذلك جعل البطن الذي هو محل الطعام والشراب ورمي الفضول وأخذ الطيب، وجعل لذلك مدخلأ للطعام ومصرفا للتفل وستره عن أعين الناظرين وغير ذلك، وجعل في النفس أمورا وخواطر وسترها عن الخاص والعام، فلو اطلع أبوك وأمك على ما في نفسك لمقتوك، وهو مع هذا كله يستره عليك مع عصيانك ومخالفتك وفي بعض ذلك كفاية، فلو انتبهت من نوم عدمك إلى يقظة وجودك وجدت هذه الخيرات كك بيها وهذه المعاني كلها لك، وعلمت من نفسك أتك عاجز عن بعض ذلك وتحققت وقيل لك: لم تحيرت في أمرك؟ وسألت عن من فعل لك ذلك؟ فقيل لك: فعله لك عظيم قادر قاهر غي عالم حي باق مريد فعال متصف بأوصاف الكمال ويستحيل عليه النقصان، لا يقدر أحد أن يصل إليه إلا به، ولا يعرفه الا بتعرفه، مالك كل شيء وخالق كل شيء، وهو على كل شيء قدير وهو السميع البصير، خلقك وأعطاك هذا كله وجعله ملكك، وإذا شكرته زادك وهو يحبك، وإذا أحببته زادك، وإذا تقربت إليه تقرب إليك اكثر مما تقربت إليه، فأنت لا شك تحبه بكل قلبك وتشتهي آن تراه وتستحث نفسك على رؤيته ولو

Página 84