204

Único en Conducta

Géneros

============================================================

284 الوحيد في سلوك أهل التوحيد ولقد سمعت من هذه اللطيفة الشريفة في المؤاخاة في الله تعالى ورأيت من بعض ذلك عجائب، فكيف بأصحاب رسول الله وفي قوله تعالى: إخوانا على سرر متقابلين} [الحجر: 47] كفاية.

وإن كان ذلك في الدار الآخرة فمنشأه من هذه الدار؛ فهي دار الأعمال، والآخرة دار الجزاء، ولأن الإخاء كان في علم الله تعالى وفي خلق الأرواح قبل الأجسام،

وكوفها كان فيها متقابلك ومتدابر والتعارف الذي ورد في "الأرواح أجناد الله مجندة ما تعارف منها اثتلف وما تناكر منها اختلف (الم.

وهذه الحكاية موجودة بالاستقراء ذوقا.

أحقال العبة فإن المحبة تنشأ عن ثلاثة أحوال: فمنها ما هو كسيك بسبب، كالاحسان والمؤانسة والملاطفة للشخص، والذت عنه والقيام بوظائفه وحاجاته واتباع مقاصده، وفعل ما يرضيه، فتنشأ من ذلك محبة له، فإذا زال ذلك زالت تلك المحبة بزوال سببها، ومن أحبك لشيء قلاك عند انقضائه.

- ومحبة إلقائية قال الله تعالى: والقيت عليك محبة مني} [طه: 39].

وهذه لا يعقل سببها؛ لأتها إلقاء من الله تعالى كما أخبر تعالى عن السيد موسى القليه والقيت عليك محبة مني} [طه: 39].

وأنت تحد ذلك ذوقا، فإنك ترى شخصا ولم يتقدم لك منه إحسان ولا رأيته قبل ذلك فتجحد نفسك تحبه وتميل إليه، حتى آنك تتآلف به وتفشي إليه سرك الذي تصونه عن أمك وأبيك، وحتى يبقى منك بمنزلة الروح من الجسد فهذه محبة إلقائية،

وبالعكس منه، ترى شخصا ما أساء إليك قط ولا أبصرته غير تلك الساعة فتنفر عنه وتبعضه حتى لا تقدر أن تستقر بالمكان الذي هو فيه، وهذا مستقر موجود كثير فالمحبة الإلقائية من الله تعالى لا يتقدمها سبب؛ لأتها ليست محتاجة إلى (1) رواه البخاري (1213/3)، ومسلم (2031/4)، وأحمد في مسنده (539/2)

Página 204