فصل
في معنى وَصفِ الخِطابِ بأنه مُحْكَم ومُتَشابِة
اعلم أن المُحْكَمَ يرجعُ إلى معنَييْنِ: أحدهما: أنه مُفَسر لمعناهُ، وكاشف له كَشْفًا يُزيلُ الإِشْكالَ، ويرفعُ وجوهَ الاحتمالِ، وهذا المعنى موجود في كلام الله ﷿، وكثيرٍ من كلام خلقِه، فيجبُ وصفُ جميعِه بأنه محَكم على هذا التَأْوِيلَ.
فصل
والوجهُ الآخرُ: أن يكونَ معنى وصفِ الخِطابِ بأنه محكم، بمعنى: أنه محكمُ النَظْمِ والتَرتيب، على وجهٍ يُفيدُ من غيرِ تناقضٍ واختلافٍ يَدْخُلُ عليه، فكلُّ كلامٍ هذا سبيلُه، فهو محكم (١)، وإنِ احتملَ وجوهًا، والتبسَ معناهُ، فإنه يَخْرُجُ عن كونِه محكمًا.
وما فَسَدَ نَظْمُه، واختل عن وجهِه وسَنَنِه، وُصِفَ بالفسادِ لا بالتَشَابُهِ.
وقد غَلَبَ على قولِ الفقهاءِ: أن المحكمَ ما كان حكمُه ثابتًا.
فصل
فأما المُتَشابهُ، فمعنى وصفِ الخطاب بأنه متشابة، فهو: أنه محتمِلٌ لمعانٍ مختَلِفةٍ يقعُ على جميعِها، ويتناَولُها على وَجهِ الحقيقةِ،
(١) أورد ابن النجار الفتوحي معظم تعريفات المحكم في "شرح الكوكب المنير" ٢/ ١٤٠ - ١٤٣.