Valle de Natrón
وادي النطرون: ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة
Géneros
ولد الراهب أمون مؤسس أديرة نيتريا في الربع الأخير من القرن الثالث الميلادي من أسرة مصرية مثرية. ولما ناهز الثانية والعشرين حثه أقاربه على الزواج فنزل على رغبتهم. غير أنه أقنع زوجته الشابة بأفضلية حياة التبتل واتفقا على أنه يعيشا كأخوين تحت سقف واحد. ويزعم سقراط أنهما اختليا في صحراء نيتريا على أثر زواجهما. وقد خالفه في ذلك جميع المؤرخين الذين كتبوا عن حياة هذا القديس إذ أجمعوا على أن العروسين كانا يعيشان في منزلهما عيشة صلاة ونزاهة. وروى بلاد
أن أمون قصد برية نيتريا بجنوب بحيرة مريوط بعد انقضاء ثمانية عشر عاما من زواجه أي ما بين عام 320 وعام 330م للتفرغ إلى ممارسة النسك وكانت زوجته قد وافقته على ذلك. ولم يكن يوجد في نيتريا في ذلك الحين دير من الأديرة كما زعم روفان
Rufin
وسوزمين
Sozomine . أما على زعم بلاد فانه كان يوجد منها العدد القليل. وقد شاعت سيرة القديس أمون فانضم اليه كثيرون من الأتباع وكثرت المناسك حول صومعته.
واننا لا ندري كم كان عدد هؤلاء الرهبان ولكن ذكر واضع تاريخ الأديرة أنه كان يوجد في أواخر القرن الرابع الميلادي خمسون ديرا يقطن بها نحو خمسة آلاف راهب. ومن الصعب أن نعين بالظبط موقع جبل نيتريا الذي احتشدت حوله جموع هؤلاء الرهبان. ومع هذا فلا بد أن يكون قائما على أحد جانبي الوادي الحزين الذي يطلق عليه اليوم اسم وادي النطرون حيث كانت تتجفف في أسفله المستنقعات الملحة. وعلى أي حال فقد كان هذا الجبل أول مكان قصده الرهبان في هذه الناحية ولكنهم مابرحوا ان سكنوا أيضا الصحراء التي كان وادي النطرون يؤدي اليها على الرغم من منعرجاتها. وقد أطلق على هذه الصحراء اسم صحراء سيليا
Cellae
أي صحراء القلايات. ثم أتت جماهير أخرى من الرهبان وعمروا فلوات الاسقيط الموحشة التي بعد صحراء سيليا المذكورة. وكانت هذه الجماعات المترهبة تتبع في نسكها طريقة متوسطة بين التنسك الكلي والعيشة مجتمعين. وكذلك كانت طريقة أتباع القديس انطونيوس. وكان الرهبان يتوسلون إلى القداسة بهذا التنسك ويقوم به كل منهم حسب الهامه الشخصي. وقد بلغ بعضهم من التفنن في مقاومة شهوات الطبيعة وضروب الامانة حدا يصعب على المرء تصوره. وكانوا لا يتركون قلاليهم في الصحراء للاجتماع ببعضهم إلا في يومي السبت والأحد من كل أسبوع لحضور صلوات القداس. وفي نيتريا كان يعيش بعض الرهبان في عزلة تامة والبعض الآخر يعيشون شراذم متفرقة. وكانت الكنيسة التي يقصدها الجميع للعبادة واقعة في أسفل الوادي وتابعة لأسقف هربوليس الصغيرة (دمنهور اليوم) ويقيم فيها الصلوات كهنة من أبرشيته.
ويظهر من ذلك أن غاية القديس أمون الرهبانية كانت تختلف كل الاختلاف عن غاية القديس باكوم “Pacome”
الذي كان قد نظم في جنوب ليكوبوليس جماعات عديدة من الرهبان جعلهم خاضعين في معيشتهم لنظام دقيق.
Página desconocida