والعجائبي جدير أن يتعرف كثيرا من مميزات وخواص الناس الضرورية البسيطة، فإن حيلنا يتحتم فيها الفشل؛ إذا لم نعن بدرسك أيها القارئ عنايتنا بدرس صناعتنا واصطلاحاتنا الفنية.
ولقد يكون مثلا من أكبر عوامل نجاحنا؛ قدرتنا على توجيه نظرك متى وأنى شئنا، فإذا صحت فيك قائلا: «انظر إلي، ها هو ذا الصندوق فارغا لا شيء فيه.» أو قلت: «تأمل ها أنا ذا ليس في أكمامي شيء البتة!»
فإنما أفعل ذلك لتحصر انتباهك فيهما، بينما آتي بحركات خفيفة لا تراها لانشغالك بهما.
ولو أنك اهتممت بمراقبتي ولم تهتم بمراقبتهما مثلا، لتمكنت من إدراك حيلتي وفطنت إليها بسهولة.
ولكن تحويل انتباهك هذه الثواني القليلة عن مراقبتي وقت أن آمرك بذلك فتلبي أمري هو أكبر عون لي على خداعك.
وقد اشتغلت بهذا الفن أكثر من ثلاثين عاما، ولا أذكر أنني استطعت - رغم ذلك - أن أغالب عيني عن التحول عن الجهة التي يأمرني العجائبي بالتحول إليها عندما يصيح قائلا: «انتبه إلى كذا ...»
وذلك تقهقر طبيعي لا يمكن مغالبته، ولنفرض أني أريد الإتيان بحركة خفية فليس يكلفني ذلك عناء كبيرا في الإتيان بها دون أن تفطن إليها.
وذلك أنني إذا أردت نقل ساعة جيب، أو إخراج بيضة من قبعة، فإني أدق برجلي دقة شديدة تسترعي الأنظار؛ فتتحول إلى قدمي، وإذا بدا لي أن مراقبة الحاضرين جدية أشرت إلى مساعدي بالإتيان بحركة فجائية غير عادية لتحويل الأنظار عني قليلا.
وإذا أردت إحضار كرسي، أو طاولة، أو سلة، إلى المسرح دون أن تراها فإني أنتقل إلى الجهة المضادة لها أولا، وقد علمت من التجاريب أن أعين الناس تتبع العجائبي دائما إلا إذا أراد هو أن يحولها عنه إلى جهة أخرى.
كل هذه نظريات سهلة وبسيطة في تحويل الأنظار، وهي - مع ذلك - نافعة ومجدية.
Página desconocida