23
أو الشمس التي تضيء لي أثناء النهار، أو النجوم التي تهديني أثناء الليل، أو السحاب الذي يطعمني ويسقيني، ولكن شيئا من ذلك لا يبلغ نفسي، ولا يتحدث إلى قلبي، ولا يثير حاجتي إلى العبادة والطاعة والإذعان. فأنا حائر جائر عن القصد،
24
ألتمس الهدى فلا أجد إليه سبيلا، فأعيش مع الناس مشاركا لهم في الدنيا مفارقا لهم في الدين.
قال أبو حذيفة: إن لك لشأنا يا فتى عنس.
قال الفتى: كغيري من الناس، إلا أني أفكر في هذا كثيرا ولا يفكرون فيه إلا قليلا. •••
وبلغا دار أبي حذيفة، فأنفقا فيها سائر النهار وشطرا من الليل يخوضان في أحاديث الدين والدنيا وفي أحاديث تهامة ونجد والحجاز.
وقد وقع حب الفتى في قلب أبي حذيفة موقعا غريبا، حتى قال لنفسه ولأهله حين خلا إلى أهله: ما أحببت غريبا قط كما أحببت هذا الفتى، ولو كنت متخذا ولدا لاتخذته ولدا.
3
وأقام ياسر ما شاء الله أن يقيم ضيفا على حليفه أبي حذيفة، يغدو إلى المسجد مصبحا فيقول لقريش ويسمع منهم، ويروح إلى الدار بعد أن تزول الشمس، فلا يقيم فيها إلا ريثما يصيب شيئا من طعام وراحة، ثم يخرج فيمشي في الأسواق، ويتعرف أمر الناس، ويلتمس أسباب الرزق؛ حتى إذا يسرت له الوسائل للعمل والكسب أراد أن يتحول إلى دار له، وآذن
Página desconocida