تأبَى علينا سَجايانا ويمنعُنا … هذا الجَمالُ أُوتيتَ والترَفُ
قال: البنونَ فقالوا: لا تَكُنْ عَسِرًا … البؤسُ أهونُ مما رُمْتَ والشظَفُ
خُذِ السلاحَ وإن كلفتنا شَططًا … إن الشدائدَ فيها تَسْهُلُ الكُلَفُ (^١)
لم يَدْرِ مأربَهم إذ يسخرونَ بهِ … وإذ يُريدونَها دَهماءَ تُلتَحَفُ (^٢)
قال: ارتضيتُ فقالوأ: غُمةٌ ذَهبت … عنا غياهِبُها وَانْجَابت السدُفُ (^٣)
وَأَرْجَؤُو إلى إبانِ مَوْردِه … يَعُبُ من سُمِّهِ المُردِي ويَرتشِفُ (^٤)
جاؤوه بالليلِ مَسرورًا بغرفته … وليس يُنْجِي الفتى من حَتفِه الغُرَفُ
وَرَنَّ صَوتُ أخيهِ عندَ مضجعهِ: … اخْرج إلينا أما تَنْفَكُّ تَعْتَكِفُ؟
فَهبَّ يركضُ، وَارْتاعتْ حَلِيلَتُه: … مَهْلًا فإن فؤادِي خائِفٌ يَجِفُ (^٥)
أنت امرؤٌ ذُؤ حروبٍ لا يُلائِمُه … أن يستجيبَ ذَوِي الأضغانِ إن دَلفوا
إني لأسمعُ صَوْتًا لستُ آمَنهُ … كأنه الدمُ يَجرِي أو هُوَ الجَدَفُ (^٦)
قال: اسكنِي ودَعِيني إنه لأخي … يَخْشَى عليَّ فَيرعانِي وينعطِفُ
وراحَ يلقاهُ والإسلامُ مُبتسِمٌ … والشركُ مُتسِمٌ بالحزنِ مُرتجِفُ
(^١) جمع الكلفة: المشقة.
(^٢) الدهماء: الداهية.
(^٣) السدف: الظُلم، جمع سدفة.
(^٤) يعبُّ: يشرب بلا تنفس. والمُردِي: المُهلِك.
(^٥) وجف القلب: خفق.
(^٦) الجدف: القبر.