Virtues of the Companions - Muhammad Hasan Abd al-Ghaffar
فضائل الصحابة - محمد حسن عبد الغفار
Géneros
فضل الأنصار ﵃
في فضل الأنصار إجمالًا قال أبو هريرة ﵁ وأرضاه: قال رسول الله ﷺ: (لو أن الأنصار سلكوا واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، فقال أبو هريرة: ما ظنكم بأبي وأمي! قوم آووه ونصروه)، وحق لهم ذلك، فالأنصار هم خير أتباع النبي، وهم الذين أسسوا هذه الأمة الإسلامية في مدينتهم، وقد بايعوا رسول الله ﷺ على أن يقاتلوا عنه كما يقاتلوا عن نسائهم وأطفالهم؛ ولذلك قال رسول الله ﷺ: (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله).
وفي رواية أخرى عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: (آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: (دعا النبي ﷺ الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين فقالوا: لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين، قال: إما لا فاصبروا حتى تلقوني).
وفي رواية أخرى قال: (وموعدكم الحوض).
وقد أشار النبي ﷺ إلى أنه ستكون أثرة بعد موته، بأن يفضل الناس أنفسهم ويتركون الأنصار، وهذه لفتة من بعيد على أن أهل الدنيا يخسرون في الآخرة، وأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
فهؤلاء الأنصار الذين نصروا رسول الله ﷺ، وأسست الدولة الإسلامية على أرضهم، وفدوا رسول الله ﷺ بأموالهم وأنفسهم، ومنهم من قتل بين يدي رسول الله ﷺ، ومنهم من رمى نفسه بين يدي رسول الله ﷺ فداءً له، ومع ذلك فالمكافأة ضحلة عليهم في هذه الدنيا، بل وسيكون هناك أثرة عليهم، ولا يعرف الناس لهم قدرًا؛ لأن الله جل في علاه سيوفيهم في الآخرة نصيبهم، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من أهل الآخرة لا من أهل الدنيا.
قال ابن مسعود: لقد شهدت مع المقداد مشهدًا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما طلعت عليه الشمس -يعني: كان موقفًا بديعًا- وذلك أنه أتى النبي ﷺ وهو يذكر المشركين فقال: (يا رسول الله! إنا والله لا نقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة:٢٤]، ولكن نقاتل من بين يديك، ومن خلفك، وعن يمينك، وعن شمالك، قال: فرأيت النبي ﷺ يشرق وجهه لذلك وسره وأعجبه).
ومن فضل الصحابة الذين باعوا أنفسهم لله جل في علاه، وائتمروا بأمر النبي ﷺ قوله ﷺ: (لا تسبوا أصحابي! لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا لم يبلغ مد أحدهم ولا نصيفه)، ولقد كان النبي ﷺ يبين من أصحابه صاحب السبق، وصاحب الفضل، ويرفعه على المتأخر، وإن كانوا كلهم كما بين الله جل وعلا أن كل واحد منهم له الحسنى، فرسول الله ﷺ يمر على خالد بن الوليد وهو يشتد ويحتد على عبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن بن عوف كان سادس ستة قد أسلموا من السابقين، وخالد متأخر الإسلام عن عبد الرحمن بن عوف، فاشتد غضب رسول الله ﷺ على خالد بن الوليد ثم قال: (لا تسبوا أصحابي) يقولها لـ خالد مع أنه صاحب، ولكن ليبين له قدر عبد الرحمن بن عوف.
1 / 3