Los fundamentos culturales de las naciones: jerarquía, pacto y república
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Géneros
لا يمكن أن تمثل حروب الوردتين في إنجلترا في القرن الخامس عشر، وخسارة الأملاك في فرنسا، لحظة مواتية لإظهار المشاعر القومية الإنجليزية، فضلا عن التأكيد على الهوية القومية الإنجليزية. إلا أن الصراع والانقسام يمكنهما أيضا دعم المشاعر القومية، وتبقى حقيقة أنه على الرغم من عقود التشوش والمجازر التي تسببت فيها عائلة يورك وعائلة لانكستر المتحاربتان، فقد تماسكت المملكة الإنجليزية وخرجت أكثر مركزية وقوة تحت حكم أسرة تيودور. رغم ذلك ، فإن الانسحاب الطويل من أوروبا القارية ساعد في واقع الأمر في تعزيز الإحساس بالهوية الإنجليزية الصرفة التي أصبحت واضحة بالفعل في الأفكار النمطية المتعلقة بالأمم الأجنبية التي تصارعت معها المملكة الإنجليزية. وبطبيعة الحال، فإننا نتناول شكلا هرميا من الهوية القومية، كما هي الحال في أجزاء كبيرة من أوروبا، وشكلا مقتصرا على نخبة صغيرة. ورغم ذلك، فإنه يشمل الطبقة السياسية التي يمثل لها نطاق إنجلترا، كما يقول الملك هنري الثالث: «إمبراطورية» مستقلة عن سيطرة الإمبراطورية البابوية أو سيطرة الإمبراطورية «الرومانية المقدسة». وكما يوضح لوبيرا فإنه: «يوجد دليل على التماهي القوي بين الملك والأمة، لكن هذا هو المتوقع من هذه الفترة.» ويقتبس مستحسنا رأي هانز كون الذي يقول إن اعتلاء أسرة تيودور للعرش «وضع أسس التجانس القومي الذي كان شرطا ضروريا لتكون القومية لاحقا» في القرن السابع عشر.
14 «التجانس» مصطلح قوي إلى حد بعيد، وحتى كلمة «وحدة» لا تبدو مناسبة في مثل هذه الفترة العاصفة. ورغم ذلك، فمن الصعب التفكير في أي فترة في القرن التاسع عشر أو القرن العشرين - عصر القومية الحديثة - يمكن أن يقال إن الوحدة، فضلا عن التجانس، كانت السمة المميزة لمعظم الأمم خلالها. وما نجده في إنجلترا في أوائل عصر الحداثة هو دليل على شعور متزايد بالهوية القومية بين أقلية صغيرة من السكان، لكنها انتشرت تدريجيا خارج النخبة الحاكمة لتصل إلى البلدات. وارتكز هذا الشعور بالهوية القومية، أكثر من ذي قبل، على الملكية القوية، لا سيما بعد انشقاق الملك هنري الثامن عن روما واضطلاعه بمنصب الحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا. لهذا السبب، يوضح كريشان كومار - في نقد أطروحة ليا جرينفيلد التي تقول إن إنجلترا في عهد أسرة تيودور «اخترعت» «القومية» - أن ما نجده في هذه الفترة في فرنسا وفي إنجلترا وفي كل مكان آخر هو «وطنية ترتكز على التاج» وليس «قومية». ويعارض كومار لسبب وجيه وجهة نظر جرينفيلد التي تقول إن إنجلترا إبان القرن السادس عشر قد شهدت ظهور قومية شعبية، بل حتى ديمقراطية قائمة على الثورة الاجتماعية للحراك الاجتماعي الجديد. إلا أن كومار برفضه لفكرة القومية الإنجليزية المبكرة يرفض أيضا الاعتراف باحتمالية وجود شعور متزايد ب «الهوية القومية» الإنجليزية في هذه الفترة، وهذا أمر اعترف به جزئيا في تحليله لإنجلترا في أواخر العصور الوسطى. وطوال الوقت، يتأرجح كومار ما بين الإحساس ب «الهوية القومية» و«القومية»، ولا يعرف أيا من المصطلحين تعريفا رسميا. ولا يوجد بالتأكيد أي دليل على وجود حركة أيديولوجية للقومية في إنجلترا خلال القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر. إلا أن هذا لا يتضمن غياب الإحساس ب «الهوية القومية» الإنجليزية أو «الشعور القومي» الإنجليزي، وإن كان شعورا مقتصرا على أقلية. وكما رأينا، فإن نخب المجتمع الهرمي يمكن أن تكون مشبعة بإحساس بالهوية القومية، بل حتى بالشعور القومي، وأعتقد أن هذا ما تشير إليه مظاهر الإنجليزية الكثيرة، والقوية غالبا، إبان هذه الفترة. والسبب في ذلك أنها على الرغم من تركيزها على التاج، فإنها تضمنت غالبا تعبيرا عاما عن «حب الوطن» والأمة، في مقابل الأمم الأخرى.
15 (2) تفكك العالم المسيحي
ما الذي يمكن أن نستخلصه من هذا الاستعراض المختصر لوجود أو غياب «الهويات القومية» في أوروبا في أواخر العصور الوسطى؟ هل يمكن دعم صحة أطروحة ماركو السابقة التي تقول بوجود موجة من القوميات الأوروبية في القرن السادس عشر؟ لا يمكننا العثور إلا على القليل من الأدلة المؤيدة لوجود حركة أيديولوجية داعمة للحكم الذاتي والوحدة والهوية لسكان مقدر لهم أن يكونوا أمة. بل ما لدينا هو مظاهر نخبوية للمشاعر القومية، وإحساس بالهوية القومية بين بعض المفكرين الإنسانويين، والمحامين، والبيروقراطيين، ومشاعر وتوجهات يمكن إثراؤها أو استغلالها أحيانا من قبل الحكام عندما يكون ذلك في مصلحتهم.
16
من السهل رفض تلك المظاهر الأولية للهوية القومية. إلا أن تلك المظاهر، كما رأينا في حالة إيطاليا وحالة فرنسا، قدمت مفاهيم للأمة ونقاشا عن الأمة تمكن القوميون المتأخرون من استخدامها لتوثيق الأمور التي يطمحون فيها ولتحريك مواطنيهم؛ لكنها كانت مهمة أيضا في حد ذاتها. تشهد أفكار ومشاعر المجتمع القومي، عبر أجزاء عديدة في أوروبا ، على الأهمية المتزايدة للأرض المحررة من النفوذ المحلي والمبينة الحدود في الوقت نفسه، وبسط النفوذ السيادي داخلها، في مواجهة المزاعم الإمبراطورية أو البابوية. كانت تلك العملية جارية منذ القرن الثالث عشر على أقل تقدير، لا سيما في فرنسا، وعجلت بها خسارة سلطة الإمبراطور الروماني المقدس بعد وفاة فريدريك الثاني عام 1250 والأسر البابوي والانقسام البابوي الغربي في القرن الرابع عشر. وقت انعقاد مجمع كونستانس (1414-1418)، تدخلت الممالك والأقاليم المتنافسة في مداولات الكنيسة. ومنذ منتصف القرن الرابع عشر، قسمت الكنيسة لأغراض إدارية إلى أربع مناطق جغرافية، هي: إيطاليا وجرمانيا وهسبانيا وفرنسا. وعندما تغيب الوفد الإسباني مؤقتا عن مجمع كونستانس، أصبح مسموحا للإنجليز بتكوين «أمة»، كما كانوا في السابق في مجمع بيزا. إلا أنه عندما وصل وفد أراجون وطالب بمكانة الأمة أسفر ذلك عن جدالات حادة حول معنى مصطلح «أمة». وأوضح الوفد الفرنسي أن الإنجليز يجب، مرة أخرى، أن يعودوا ليصبحوا جزءا من الأمة الجرمانية. إلا أنهم قدموا أيضا فكرة الأمم الرئيسية والأمم أو الممالك الفرعية، المماثلة لحجم إنجلترا، في وقت كانت فيه حرب المائة عام في ذروتها. وكما هو متوقع، رد الوفد الإنجليزي قائلا إن الأمة الإنجليزية تمتلك من القوة والسلطة قدر ما تمتلك أمة الغال المشهورة:
سواء أفهمتم الأمة كشعب تميزه عن الآخرين رابطة الدم وعادة الوحدة، أو خصائص اللغة التي تعد العلامة الأكثر تأكيدا وإيجابية على صفة الأمة وفقا للقانون الإلهي والبشري، فضلا عن كونها جوهرها ...
إن ما يكشفه هذا الجدال وغيره من الجدالات المتعددة في المجالس الكنسية ليس ظهور القومية اللغوية الرومانسية في العصور الوسطى قبل هيردر، بل أن وحدة العالم المسيحي القديمة أصبحت ضعيفة، وأن المبدأ الجديد المتمثل في الممالك الإقليمية، المعترف بشرعيتها كنوع من أنواع «الأمم»، بدأ يحظى بالقبول. وبطبيعة الحال، كان تعريف الأمة لا يزال مائعا؛ فمن الممكن أن يتضمن مملكة ذات لغة واحدة (فرنسا)، أو مملكة ذات مجموعات لغوية متعددة (إنجلترا أو بريطانيا)، أو مجرد مقاطعة (فلورنسا أو جاسكونيا). وفي الواقع، أوضح الوفد الإنجليزي أن أمتهم ينطبق عليها وصف الأمة أكثر من انطباقه على الأمة الفرنسية؛ لأن فرنسا تتحدث في الأساس لغة واحدة فقط، في حين أن:
الأمة الإنجليزية أو الأمة البريطانية المشهورة تتضمن داخلها وتحت لوائها خمس لغات أو خمس أمم، وكل لغة من تلك اللغات غير مفهومة من قبل البقية ...
17
Página desconocida