Los fundamentos culturales de las naciones: jerarquía, pacto y república
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Géneros
28
تشير حجة وورمالد إلى أن المملكة الأنجلوسكسونية، مثل بقية الممالك الأخرى في أوروبا الشمالية، كانت غير هرمية في جوهرها، واعتمدت في الأساس على التجمعات المحلية لتحقيق ترابطها. على النقيض من ذلك، بدا أن النورمان قد اقتبسوا لحكمهم طابعا هرميا مميزا، من ناحية كل من الروابط الإقطاعية الخاصة بالأراضي الزراعية، وكذلك إضافة طبقة من الفرسان المتحدثين بالفرنسية على النظام الاجتماعي الإنجليزي السابق. علاوة على ذلك، فقد كانت اهتماماتهم أوروبية على نحو قاطع؛ فقد قضى معظم الملوك النورمان الذين حكموا إنجلترا قدرا كبيرا من الوقت خارج البلاد يدافعون عن ممتلكاتهم في الأنحاء الأخرى فيما يعرف بفرنسا حاليا أو يوسعون تلك الممتلكات، في حين كان رؤساء الأساقفة من أوروبا القارية في أغلب الأحيان. وكانت ثقافة النخبة في تلك الفترة ثقافة قارية أيضا؛ في عمارتها، ولغتها، وأدبها، وكانت إما فرنسية وإما مشتقة من الثقافة الفرنسية. من الناحية الأخرى، بحلول أواخر القرن الثاني عشر، وصف الحكام النورمان أنفسهم بملوك إنجلترا، وتزوج فرسانهم من الإنجليز واندمجوا معهم لدرجة كبيرة. في ذلك الوقت أيضا، كان النورمان يميزون أنفسهم بوضوح عن كل من الويلزيين والأيرلنديين؛ إذ كانوا يعتبرون ثقافاتهم وعاداتهم «منحطة». بالإضافة إلى ذلك، ساعد مؤرخو القرن الثاني عشر أمثال ويليام المالمسبوري، وجون ورشستر، وأورديريك فيتاليس، وهنري الهنتينجتوني، في إحياء التاريخ الأنجلوسكسوني وروح الماضي الإنجليزي، فقط لإضفاء الشرعية على حكم النورمان، وبدا أيضا أنهم سعوا إلى تحقيق تصالح بين الإنجليز والنورمان. علاوة على ذلك، من خلال تبني وجهة نظر جيفري المونموثي التي طرحها في كتاب «تاريخ ملوك بريطانيا»، طالب الملوك الإنجليز، لا سيما إدوارد الأول، بحق الإنجليز في حكم بريطانيا بأكملها على غرار حكم آرثر؛ ذلك «الإمبراطور» البريطاني الأسطوري الذي سبق حكمه عهد السكسونيين.
29
وهذا يشير إلى أن ثمة عملية إحياء كانت تجري على قدم وساق لهوية «عرقية» إنجليزية (أنجلونورمانية) ذات تعريف ذاتي جديد، وأساطير أصل جديدة، وتاريخ مشترك مرتبط بأرض معينة، ومختلفة على نحو واضح عن الويلزيين والأيرلنديين. من جانب آخر، فإن الهوية «القومية» كانت بدأت في الظهور لتوها في هذه الفترة. ولم يوجد إلا قدر قليل من الثقافة العامة المميزة واللغة المميزة (إذ ظلت اللاتينية اللغة الرسمية، بينما كانت الفرنسية اللغة المتحدث بها في البلاط الملكي)، وكان يوجد فقط قدر من الترابط الإقليمي (ظل الشمال، بصفة خاصة، منفصلا بوجه عام). أما التطور الذي حدث في هذه الفترة، فكان وجود دولة إنجليزية قوية نسبيا، ذات موارد مالية مركزية، وقانون إنجليزي واحد مكتوب تنظمه المحكمة ونظام من المحاكم الدورية التي تقام فيها محاكمات أمام المحلفين، ويعمل بها قضاة محترفون. وكما يعلق ريس دافيس فإنه: «بحلول القرن الثالث عشر، كان القانون الإنجليزي يعتبر إحدى العلامات المميزة للهوية الإنجليزية وجزءا لا يتجزأ من الثقافة السياسية الإنجليزية.»
30
بدأت الأمور في التغير في أواخر القرن الرابع عشر، حين شهدنا عناصر ثقافة عامة مميزة، مثل ظهور الملكية المقدسة، ورمزيتها السياسية في عهد الملك ريتشارد الثاني والملك هنري الخامس، وتأسيس مجلسي البرلمان، وتزايد استخدام اللغة الإنجليزية بين موظفي السجلات، وبدايات الأدب الإنجليزي (باللغة الإنجليزية الوسطى) في شعر جاور، ولانجلاند، وتشوسر، والترجمات العامية للكتاب المقدس في عهد ويكليف. بلا شك أدى قرار تشوسر بالكتابة بالإنجليزية في الأساس إلى عزله عن القراء الأوروبيين، لكنه أيضا قربه أكثر من الوعي الإنجليزي الخالص؛ مما يشير إلى أنه «رأى أن قراءه «هم» الإنجليز، وكانت هذه الرؤية مهمة من عدة نواح.»
31
كان لهذه التطورات جذورها في القرن السابق، في الأخبار التي رواها المؤرخ ويندوفر مثل ذلك الخبر الذي رواه عام 1233 مناهضا فيه البواتفيين، ومناديا فيه بمنح الأولوية للشعب الإنجليزي الأصلي وليس للأجانب، أو في قصائد مثل قصيدة «أغنية لويس» التي تحتفي بحرية الإنجليز أثناء احتفالها بانتصار البارونات في حرب البارونات الثانية عام 1264. وعلى الرغم من أن سلسلة الحروب ضد ويلز واسكتلندا وفرنسا التي بلغت ذروتها في حرب المائة عام كان دافعها الأساسي مصالح الأسر الحاكمة، فإنها هي ما كان يثير مشاعر الولاء القومي لشخص الملك كرمز للأمة بدرجة متزايدة، وبخاصة الولاء للملك هنري الخامس. والسبب في ذلك أننا حتى إذا صرفنا النظر عن الوصف المثالي والمستوحى من الكتاب المقدس الذي قدمه شكسبير للملك هنري الخامس، فسوف يظل لدينا ملك يسعى إلى ترويج اللغة الإنجليزية، والتغلب على الانقسامات الكبيرة بين الأرستقراطية الإنجليزية التي تسبب فيها اغتصاب والده للعرش، بالإضافة إلى دمج المجموعات العرقية والطبقات المختلفة لتحارب تحت لوائه. بطبيعة الحال، من الممكن أن نرى في أفعاله مجرد استخدام للشعور القومي من أجل أهداف تخدم الأسرة الحاكمة وتكوين الإمبراطورية، حسبما يرجح كريشان كومار، لكن هذا يفترض وجود قدر من «الشعور القومي» في المقام الأول. علاوة على ذلك، يزعم العديد من مؤرخي العصور الوسطى أنه لا يمكن العثور على حس الهوية القومية إلا في هذين القرنين، على الأقل بين النخب، لكن ربما وجد أيضا ذلك الحس بين العوام المزارعين.
32
تشير كل هذه الأمور إلى أن الإحساس بالهوية القومية في أواخر عهد إنجلترا العصور الوسطى كان يتنامى لدى كثير من أفراد الطبقة العليا ولدى بعض أفراد الطبقة المتوسطة. وعلى الرغم من أنهم ظلوا يشعرون بقوة الهويات الجمعية الأخرى وصور الولاء الأخرى، المحلية والكاثوليكية معا، فقد كان نموذج الأمة الإنجليزية العرقية السياسية ومصيرها داخل حدودها تقريبا قد بدأ في السيطرة عليهم سيطرة كبيرة؛ نظرا لأن الممتلكات الملكية في فرنسا في ذلك الوقت كانت متنازعا عليها وضائعة. وساعد في ظهور هذا التوجه وجود ثقافة عامة مميزة ترتكز على الملك، ووجود نظام قانوني أكثر مركزية. من جانب آخر، باستثناء بعض مصادر العصور الذهبية المقدسة، مثل التضحية وما شابه ذلك، كانت الهوية الإنجليزية مفتقدة الصفة «الدينية»؛ ومن ثم الصفة الملزمة والقائمة بذاتها، التي نربطها بالأمة؛ فتضحية الصليبيين نيابة عن العالم المسيحي استغرقت بعض الوقت كي تنتقل إلى «الوطن». وما عاود الظهور هو الاعتقاد بالاختيار العرقي للشعب الإنجليزي؛ لذلك، في عام 1377، ألقى المستشار آدم هوفتون، خطابا في افتتاح البرلمان أثنى فيه على انتصارات الملك إدوارد الثالث، وعلى ازدهار المملكة، التي «أظهرت أن إنجلترا تتمتع بتفضيل الرب، وأن الإنجليز هم شعب إسرائيل الجديد، وأن مملكتهم هي «ميراث الرب».» ولم يكن ذلك تعبيرا فرديا عن فكرة اختيار الشعب لمهمة تبشيرية؛ فقد صاحب آمال الحرب الصليبية الأنجلو فرنسية قدر كبير من «الوطنية الإقليمية» الإنجليزية، خصوصا خلال احتفالات الانتصار التي أعقبت معركة أجينكورت.
Página desconocida