Los fundamentos culturales de las naciones: jerarquía, pacto y república
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Géneros
24
ورغم ذلك، زعمت رينولدز مؤخرا أن «مفهوم الأمة الذي يمثل أساس كل أشكال القومية كان منتشرا قبل القرن الثامن عشر بفترة كبيرة.» رغم أن ذلك كان يبدو بديهيا ولم يكن يتطلب أيديولوجية أو حركة كتلك التي رأيناها في العصر الحديث. وجمع هذا المفهوم بين فكرة المجتمع الطبيعي الذي يملك نسبا مشتركا، وعرفا، وثقافة، وبين فكرة المجتمع السياسي الذي يتمتع بحقوق سياسية، حتى إن لم يكن ذلك المجتمع مستقلا. بالإضافة إلى ذلك، عندما يستمر الاسم الجمعي، مثل ذلك الذي يربط بين الفرنجة وفرنسا، فعادة ما تستمر أيضا أساطير الأصل، وفي هذه الحالة المذكورة، تتمثل أسطورة الأصل في أن الفرنجة أو الفرنسيين ينحدرون من نسل الطرواديين رغم التغير الكبير الذي طرأ على السكان وعلى الحدود. ترى سوزان رينولدز أن الأمم والقومية مفهومان ينتميان إلى عالم النظرية السياسية، أو على الأحرى ينتميان إلى الأفكار الشائعة التي يرى المشتركون في تبنيها أنها بديهية؛ ولذلك فإنها نادرا ما تظهر بوضوح في السجل التاريخي. إلا أن الحداثيين أمثال جون بروييه يرون أن هذا ليس كافيا لدعم حجة وجود أمم خلال ما قبل العصر الحديث، فضلا عن وجود قومية. ربما كانت مثل هذه الأفكار رائجة في أوروبا العصور الوسطى، وربما كانت سياسية وإثنوغرافية، لكننا نحتاج إلى أدلة مباشرة أخرى قبل أن يمكننا التأكد من أن الشعوب في العصور الوسطى شعرت بانتمائها إلى أمة، وكلمة «شعب» هنا يقصد بها معظم أفراد سكان كيان سياسي بعينه.
25 (6) هل إنجلترا أول أمة؟
من نواح عديدة تمثل إنجلترا نموذجا للأمم السابقة للحداثة. كان أدريان هستنجز قد أوضح بالفعل أن إنجلترا كانت تتصدر قائمة أمم ما قبل العصر الحديث (سبقتها أرمينيا وإسرائيل القديمة لكنهما حالتان منفردتان)، مشيرا إلى أن نصوص القرن الرابع عشر تكشف عن مفهوم للأمة يتشابه كثيرا والمفاهيم المعاصرة، وأنه نظرا لازدهار الأدب الإنجليزي واستخدام اللغة الإنجليزية في البلاط الملكي وفي الإدارة اللذين تزامنا مع ارتفاع روح «القومية» في حرب المائة عام، يكون لدينا مبرر لاعتبار الإنجليز أمة في العصور الوسطى. إلا أن هستنجز اعتبر أيضا إنجلترا في أواخر عهد الأنجلوسكسونيين منذ القرن العاشر «دولة قومية» كاملة التكوين. وفي هذا الصدد، اتبع وجهة النظر المتطرفة للمؤرخين، أمثال جيمس كامبل وباتريك وورمالد، الذين زعموا أنه على الرغم من أن بيدا لم يطرح سوى رؤية الأمة الإنجليزية المسيحية (على الرغم من ولائه الشديد لمملكة نورثمبريا)، فإن الملك ألفريد - من خلال حكومته وقوانينه وإنجازاته الأدبية والتعليمية - هو من أسبغ على أفكار بيدا معنى نظاميا، وبدأ عملية دمج ممالك وشعوب عديدة في أمة واحدة. ورغم ذلك، لم يتمكن خلفاؤه، لا سيما أثيلستان وإدجار، من ترسيخ فكرة وواقع الأمة الإنجليزية وتوحيد جماعاتها وكياناتها السياسية المختلفة في مملكة واحدة إلا في القرن العاشر والقرن الحادي عشر.
26
على النقيض من وجهة النظر تلك، تحدث كريشان كومار عن غياب أي نوع حقيقي من المشاعر القومية لدى الإنجليز في هذه الفترة، حتى لو أصبحت إنجلترا الأنجلوسكسونية:
واحدة من أكثر الدول تكاملا ومركزية في أوروبا، إن لم تكن أكثرها تكاملا ومركزية على الإطلاق، وهذا إنجاز عادة ما يعزى في الأساس إلى الملك ألفريد العظيم. وورث ويليام الفاتح دولة جيدة التنظيم، تدار بنظام إدارة موحد، وهيكل قوانين ملكية بالغ التطور، وعملة مركزية، ونظام ضرائب فعال.
إلا أن هذا، كما يقول كومار، يعد مختلفا كثيرا عن «الأمة» المتكاملة، أو النوع المتطور من «الهوية القومية». إن محاولة إحياء مملكة مرسيا في القرن العاشر، وعالمية الكنيسة الرومانية، والعلاقات مع إسكندنافيا، وتحزب نبلاء الإنجليز؛ يعارض أي نوع حقيقي من الهوية القومية بين الطبقات العليا في هذه الفترة. إن كل أمر من هذه الأمور إذا تعاملنا معه على حدة فقد لا يبدو خطيرا للغاية؛ فعلى أي حال، في وقتنا المعاصر توجد أكثر من أمة مقبولة، لدى كنيستها علاقات تتجاوز حدودها، ويرتبط أفرادها بعلاقات مع مناطق أو «عرقيات» أو دول أخرى، وتعاني من الحزبية، وغيرها. ورغم ذلك، فإن تضافر هذه المعوقات يبدو أنه يضعف من حجة وجود أمة إنجليزية في هذه الفترة، حتى إذا كنا في حاجة إلى التشكيك في اعتراض كومار الحداثي الأساسي (والعبثي) المتمثل في أن إنجلترا في عهد الأنجلوسكسونيين فشلت في إظهار «أي شكل لعلاقة بين النخب والعوام، أي الأشخاص العاديين في المجتمع؛ فالأمة التي تتكون من النخب وتعبر فقط عن وعي النخبة ليست أمة بالمعنى المقبول للكلمة في الوقت الحاضر.»
27
من ناحية أخرى، سواء أقبلنا وجهة النظر المتطرفة القائلة بوجود «دولة» أنجلوسكسونية تحت حكم «ملك الإنجليز» قبل عام 1066 أم لم نقبلها، فمن الممكن تقديم حجة أخرى منفصلة تتحدث عن تكون نوع من العرقية الأنجلوسكسونية المشتركة؛ ففي القرن العاشر كانت النصوص أمثال ملاحم «الخروج»، و«معركة مالدون»، و«وقائع الأنجلوسكسونيين»، و«التاريخ الكنسي للشعب الإنجليزي» الذي كتبه بيدا قبل ذلك؛ تشير بقوة إلى أن النخب الأنجلوسكسونية بالإضافة إلى سيطرتها على مجتمع إنجليزي له اسم وتعريف ذاتي وأسطورة أصل مشترك، فقد كانت لها أيضا مجموعتها الخاصة من الأساطير والذكريات والرموز والتقاليد المشتركة، أبرزها أسطورة قدرية للاختيار العرقي من قبل الرب، مصوغة على غرار نموذج الشعب الذي يجمع العهد بين أفراده في العهد القديم. علاوة على ذلك، وفرت اللغة الأنجلوسكسونية وسيلة فعالة للتواصل مع الطبقات الأخرى، بالإضافة إلى أنها أدت إلى ظهور أدب ثري ومتنوع. كذلك ساعدت اللغة المشتركة في نشر القوانين والمؤسسات الملكية في معظم أنحاء المملكة، حتى إذا لم يكن لدينا «دليل مستقل» مباشر، حسب قول بروييه، على أن الأشخاص الذين كانوا يستخدمون محاكم المقاطعات، على سبيل المثال، كانوا يرون أنها مؤسسات «إنجليزية» وأصبحوا مرتبطين من خلال هذه المؤسسات بالأمة «الإنجليزية». ورغم ذلك، فالتمتع بقدر كبير من الترابط والوحدة على الصعيد الإقليمي هو ما كان يفتقر إليه، هذا إذا استثنينا بعض فترات قصيرة. وعلى الرغم من تحدث بعض المصادر عن ارتباطات الجزر البريطانية بأرض الإنجليز «إنجلا لوند»، فإنه ليس من الواضح إلى أي مدى ينطبق ذلك على إنجلترا أو بريطانيا ككل (في الوقت الراهن تقريبا)، وهذا أمر ما زال يعرقل التحليل حتى يومنا الحاضر. وفيما يتعلق بالثقافة العامة المشتركة والمميزة، فلا يمكننا الجزم بمدى انتشارها في هذه الفترة، حتى عن طريق الكنيسة، على الرغم من تحقق «التبعية المتبادلة بين الملك وأمة سياسية واسعة النطاق بالتأكيد» في الحكم المحلي (المقاطعات ومجالس المقاطعات) ومن خلاله، حسبما أوضح وورمالد.
Página desconocida