Los fundamentos culturales de las naciones: jerarquía, pacto y república
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Géneros
35 (6-3) مصر القديمة
حالة مصر القديمة أكثر تعقيدا. إن عزلة مصر بسبب جغرافيتها ووحدتها بسبب النيل قد جعلت المجتمع المصري والهوية المصرية يتطوران على مدار ألف سنة تقريبا في ظل المملكة المصرية القديمة الموحدة. وساعد هذا في تكوين أساطير الأصل، بأساطير الخلق المتعددة المتعلقة بها، لكن انعدام التواصل النسبي مع الآخرين قبل المملكة الوسطى ربما تسبب في تأخر ظهور الشعور بتعريف الذات. لكن كما نرى في حالة العلاقات مع النوبة، ففي بداية الألفية الثانية كونت الأرستقراطية معتقدا واضحا بالتفوق المصري على الأجانب، بالإضافة إلى الكثير من الأساطير والذكريات والرموز والحنين للعصر الذهبي للأسرة الرابعة المجيدة التي اختار فيها أمنمحات الأول إطلاق المنشور الدعائي المعروف باسم «نبوءة نفرتي» لتبرير اغتصابه للعرش عام 1991 قبل الميلاد. ولعل تعلق المصريين ب «الأرض السوداء» التي أكسبها النيل خصوبتها يخبرنا المزيد عن الشخصية المصرية. في الحكاية الخيالية الشهيرة «قصة سنوحي» التي تدور في الفترة نفسها، يروي مسئول رفيع المستوى من الحاشية، هرب إلى سوريا تجنبا لاتهامه ظلما بالتورط في مؤامرة قتل أمنمحات، قصة رحلته، وإقامته الطويلة في المنفى، ورغبته في أن يدفن في مصر أرض آبائه على طقوس الدفن المصرية، وقد تحققت تلك الرغبة لاحقا. في مرحلة ما، يعرب سنوحي عن حزنه قائلا:
أنا رغم ذلك غريب لا يحبه أحد، تماما كما لا يحظى بدوي بحب أحد في الدلتا ... وهل من أمر أهم من أن تدفن جثتي في الأرض التي ولدت فيها؟
من مرحلة لاحقة، يمكن أن نقتبس أيضا رغبة الفرعون كامس في طيبة في أن «ينقذ مصر التي دنسها الآسيويون»، والإحساس الواضح لدى الحكام المصريين بالحدود التاريخية لمصر من الدلتا إلى جزيرة إلفنتين في الجنوب، ورغم ذلك فمن غير الواضح إلى أي مدى كانت تعتبر الأرض مقدسة وليست فقط مباركة.
36
إنها لحقيقة لا تنكر أن النخب المصرية القديمة خلقت ثقافة عامة مميزة ودائمة تكونت من الطقوس، والمراسم، والرموز، ومدعومة بلغة وكتابة هيروغليفية، ونظام تعليمي. لقد كانت على الأرجح أكثر الثقافات العامة إبهارا وشمولا. كانت تلك الثقافة ترتكز على أيديولوجية الملكية الإلهية التي زعمت أن الفرعون كان تجسيدا للإله حورس الذي يشبه الصقر وابنا لرع إله الشمس، وأن من واجبه، من خلال أداء الطقوس العامة والحكم الرشيد، ضمان انتصار «ماعت» (الحق والعدل) في عالم البشر. ووفقا لما يقوله باري كيمب، فإن هذه الأيديولوجية كانت:
تعزز باستمرار في التجمعات الإقليمية من خلال الطقوس وتصوير الطقوس، مثل ذلك الطقس الذي يجعل الملك مسئولا عن مراسم المعابد الإقليمية.
على الرغم من أن أبناء النبلاء والكتبة كان لهم تعليم منفصل، فإن المنتمين إلى الطبقات الدنيا كان بإمكانهم الالتحاق بالثقافة التي دعمت هذه الأيديولوجية. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع تحديد إلى أي مدى كانت تلك الثقافة منتشرة خارج نطاق النخب، فإنه من المفيد تذكر أن ذلك كان النوع الوحيد من الثقافة العامة الذي تعرض له المصريون على مدار ألفين وخمسمائة عام (باستثناء الفاصل القصير من «الهرطقة» الإخناتونية).
37
في الغالب توصف مصر القديمة بأنها مجتمع بالغ التنظيم. ربما كان هذا نتيجة لتراث طويل من السلطة المركزية التي تكونت منذ فترة مبكرة، عندما كانت مصر بعيدة إلى حد كبير عن التهديدات الخارجية؛ ومن ثم تمكنت من تكوين مجتمع أكثر تكاملا لعب فيه القانون الموحد والتشريع البيروقراطي دورا كبيرا، بسبب الحاجة إلى الاستفادة من تأثيرات الفيضان السنوي للنيل. وإلى حد ما، انتقل هذا النموذج إلى فلسطين وسوريا، عندما أقامت مصر إمبراطورية في عهد المملكة الحديثة، وفي الوقت نفسه يبدو أن الشعوب التي خضعت لمصر هناك تمكنت من الاحتفاظ ببعض عاداتها وقوانينها المحلية. وربما لأن مصر ظلت لفترة طويلة جدا مجتمعا مستقلا بذاته، دون إمبراطورية، فقد أصبحت تشبه لدرجة كبيرة النوع القومي من الهوية الجمعية والمجتمع الجمعي، حتى لو كانت تلك الهوية تتجسد على نحو بالغ الوضوح لدى النخب. في هذا الصدد، كانت العمليات الأساسية المتمثلة في التعريف الذاتي، وتأسيس الأساطير والذكريات والرموز والقيم، وأقلمة الارتباطات، ونشر ثقافة عامة مميزة، وتكوين قوانين وعادات موحدة، واضحة في أبلغ صورة. ومن ناحية أخرى، كان هناك غياب لبعض المصادر الثقافية الأساسية الأخرى؛ فقد فشل المصريون في تكوين أسطورة للاختيار الإلهي للشعب - مقارنة بالفضل الإلهي على الفرعون وسلالته - وعلى الرغم من أن النخب في الفترات التالية استحضروا «العصور الذهبية» السابقة، فإنهم فشلوا في تكوين تاريخ عرقي هادف، أو إحساس بالمصير الجمعي المصري الذي يتطلب كفاحا وتضحية من جانب أفراده. (6-4) مملكة يهوذا ومملكة يهودية
Página desconocida