Los fundamentos culturales de las naciones: jerarquía, pacto y república
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Géneros
في ضوء التعارض المنطقي، قد يبدو غريبا افتراض أن الإمبراطورية يمكن أيضا أن تكون أمة أو تكون امتدادا لها، أو العكس. إلا أنه يسعدنا تماما الاعتراف بأن الأمة الفرنسية في القرن التاسع عشر، على سبيل المثال، كانت لها «إمبراطوريتها»، أو على نحو أكثر تحديدا، القول إن الدولة الفرنسية التي حازت إمبراطورية قد أصبحت مجتمعا قوميا، أو كانت في طريقها لأن تصبح كذلك. ألا يمكن إذا أن ينطبق الأمر نفسه على العالم القديم؟
32 (6-1) الإمبراطورية الآشورية الجديدة
إن وصفنا للإمبراطورية الآشورية الجديدة بوصف الأمة يمكن أن يعني أن الآشوريين كونوا أمة بأنفسهم، أثناء حكمهم لعدد من المجتمعات الأخرى، أو أن الإمبراطورية الآشورية بأكملها، في مراحلها اللاحقة، قد أصبحت أمة واحدة أو كانت في طريقها لأن تصبح كذلك.
أوضحت من قبل الطبيعة الهرمية والاستغلالية للحكم الآشوري، لكن ماذا عن الآشوريين أنفسهم؟ لقد كانوا مجتمعا له اسم وتعريف ذاتي، وله أسطورة أصل أرستقراطية نابعة من مدينة آشور وإلهها الذي تحمل اسمه، وتشاركوا في ذكريات إنجازات ملوكهم المدونة في السجلات الملكية، وتشاركوا في اللغة، وساد في وسط النبلاء الشعور بالفخر بالمكانة والإحساس بالتفوق على العوام في طبقاتهم وعلى الشعوب الخاضعة لهم. نظرا لهذا التضامن النخبوي، يمكننا التحدث على نحو مشروع عن مجتمع عرقي آشوري.
من ناحية أخرى، من النادر وجود أدلة على وجود مشاعر خاصة تجاه الوطن الآشوري أو شعور بقدسية الأرض خارج «أرض آشور» نفسها، ولم تكن توجد عاصمة واحدة منفردة. فيما عدا بعض عبادات الآلهة الآشورية، وبعض فنون القصر الآشوري والدعاية الملكية، يبدو أنه لم يبذل جهد كبير في نشر الثقافة الآشورية العامة في أرجاء الإمبراطورية. من المحتمل أن الأسرى أو زوار مدينة النمرود أو مدينة نينوى كانوا يشعرون بالرهبة، لكننا لا نسمع إلا القليل عن نشر الثقافة الآشورية العامة إلى عوام الآشوريين، فضلا عن الشعوب الأجنبية الخاضعة للإمبراطورية. علاوة على ذلك، فكما ذكرت من قبل، كانت الثقافة الآشورية الجديدة مدينة إلى حد بعيد للنصوص الدينية المكتوبة بالمسمارية وللثقافة الأدبية الأكدية لبلاد بابل؛ تلك النصوص التي كانت تمثل المرجعية وتلك الثقافة التي مثلت العصر الذهبي اللازم إحياؤه. أما عن توحيد القوانين والعادات العامة، فبعيدا عن الجزية المعتادة، والتجنيد العسكري، وبعض المراسيم الملكية، سمح على نحو ضمني لغالبية الرعايا الذين ظلوا في أراضيهم بالاحتفاظ بعاداتهم وقوانينهم المحلية .
33
على صعيد آخر، هل يمكننا وصف الأراضي التي ضمتها الإمبراطورية الآشورية الجديدة والمجتمع الذي أنشأته بالدولة القومية، على الأقل في مراحلها الأخيرة؟ هذه فرضية قدمها مؤخرا سيمو باربولا. مع وضع النموذج الأمريكي في الاعتبار، زعم باربولا أن عمليتي التهجير المنتظم والاستيعاب الثقافي ساعدتا في تكوين مجتمع جديد أكثر تماسكا وتجانسا؛ فعن طريق إجبار شعوب الشرق الأدنى القديم على الاختلاط مع غيرهم، ومنحهم الكثير من حقوق المواطنة، واستيعابهم عن طريق لغة مشتركة تمثلت في الآرامية، وعن طريق كتابة مشتركة تمثلت في الأبجدية الآرامية، كان الآشوريون لأول مرة في التاريخ يكونون أمة قومية على نحو واع. إنها فرضية جذابة. لا شك أن تلك التوجهات ساعدت بالفعل في تعزيز مجتمع جديد أكثر عالمية وتنوعا من خلال تحطيم عزلة شعوب الشرق الأدنى القديم. ومن ناحية أخرى، فإن النظير الأمريكي مضلل. لقد كانت الولايات المتحدة، وما زالت، مجتمع مهاجرين يختار أعضاء مجموعاته العرقية المختلفة الدخول فيه ويتبنون طواعية أسلوب الحياة الأمريكي مع احتفاظهم بكثير من تقاليدهم ومعتقداتهم وعاداتهم. بالإضافة إلى ذلك، كانت الولايات المتحدة منذ البداية جمهورية شعبية قائمة على الأيديولوجية القومية المدنية لآبائها المؤسسين. ومثل هذه الأيديولوجية القومية لا يمكن العثور عليها في الإمبراطورية الآشورية؛ فالهجرة كانت قسرية إلى حد بعيد، وعلاقة الحكام الآشوريين بالشعوب الخاضعة لهم كانت استغلالية في العموم، كما رأينا. في جوهر الأمر، ظلت الإمبراطورية الآشورية حالة هرمية عرقية قائمة على القوة العسكرية والهيمنة الاقتصادية. إن الابتهاج العام شبه العالمي الذي صاحب انهيار الإمبراطورية الآشورية، والاختفاء شبه الكامل ل «العرقية» الآشورية مع انهيار الدولة، يؤكدان فشل المشروع «القومي» الآشوري، إن كان ثمة مثل هذا المشروع.
34 (6-2) فارس الأخمينية
كثير من الاعتبارات نفسها ينطبق على فارس الأخمينية. يمكننا أن نتفق عند وصف «العرقية» الفارسية؛ فهي مجتمع بشري له اسم وتعريف ذاتي، وأسطورة أصل مشترك منسوبة إلى البيت الحاكم الذي يتشارك فيه النبلاء (بتتبع سلالة الزعماء الأخمينيين المنتمية إلى قبيلة باسارجاد)، وذكريات مشتركة متعلقة بإنجازات الملك والمعارك التي انتصروا فيها (مثلما يفتخر دارا الأول على نقش ضريحه في برسبوليس)، ولغة فارسية قديمة مشتركة، واعتقاد مشترك في نعمة «أهورامزدا» على ملوك ونبلاء الفرس، في نظام كوني أبدي ومتجانس.
لكن، مرة أخرى، فإن هذا يصف هرمية عرقية متعارضة مع فكرة المجتمع القومي؛ لذا، فعلى الرغم من أن أرض بارس في جنوب غرب إيران، مقر حكم الإمبراطورية الأخمينية، كانت تتلقى الثناء بسبب وفرة إنتاجها الزراعي، فإنها لم تتمتع بأي مكانة خاصة أو مقدسة، كما لم توجد عاصمة واحدة للإمبراطورية على مدار القرنين اللذين استمرت فيهما. وكانت ثقافتها العامة أيضا محصورة إلى حد بعيد على النبلاء الفارسيين والمبعوثين الأجانب المهمين، وأيضا كان يوجد انقسام لغوي؛ حيث كانت الآرامية هي «لغة التواصل الوسيطة» المستخدمة في المحادثات العامة مع الشعوب الخاضعة للإمبراطورية. وعلى الرغم من أن الحكم الفارسي كان بالتأكيد أقل وحشية، فإن دور الشعوب الخاضعة له كان موضحا جيدا، كما رأينا، في مواكب المجموعات العرقية التي تحمل الهدايا إلى الملك العظيم على سلم أبادانا في برسبوليس، أو على النقش الملكي في شوشان الذي مدح عمالة وموارد الشعوب الخاضعة للإمبراطورية. وكلا العملين الفنيين يعطي إحساسا بالعظمة والتباعد بين الحكام والمحكومين في إمبراطورية مترامية الأطراف. الاختلاف الوحيد الذي يفرق الإمبراطورية الأخمينية عن الإمبراطوريات السابقة هو تسامحها الأكثر وضوحا مع القوانين والعادات المحلية، وهذا التسامح كان نابعا من سياسة قورش؛ ومن ثم كانت الرغبة في دمج الشعوب الخاضعة لهم في مجتمع واحد متعدد العرقيات أقل وضوحا. ومثلت المحاولات اللاحقة التي قامت بها السلالة البارثية والسلالة الساسانية للعودة إلى نموذج فارس الأخمينية تناقضا مثيرا للاهتمام مع مصير الإمبراطورية الآشورية.
Página desconocida