Los fundamentos culturales de las naciones: jerarquía, pacto y república
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Géneros
13 (2-4) نشأة ثقافة عامة مميزة
ما أقصده بمصطلح «ثقافة عامة» هو خلق نظام طقوس ورموز ومراسم عامة من ناحية، وتكون قواعد وأدبيات عامة مختلفة من ناحية أخرى.
في حين أنه فيما يخص «العرقيات» يكفي أن يكون أفرادها متمايزين عن الأغيار من خلال تحدث لغة مشتركة والالتزام بتقاليد مختلفة، وعبادة آلهة خاصة بهم، فإن مثل هذه السمات الثقافية المشتركة - فيما يخص الأمم - يجب أن تكون ملكية عامة مشتركة، وتمثل معيارا محددا للتميز الثقافي. ولا بد أن تصبح جزءا من ثقافة عامة قومية مميزة. علاوة على ذلك، فإن أي اختلافات في اللهجة أو في العبادة لا بد أن تكون تابعة لتلك الثقافة العامة المؤدلجة، وإلا فلا بد من استئصالها.
بالطبع، لا تميز الشعائر أو القواعد العامة في حد ذاتها «العرقيات» أو الأمم عن الهويات الثقافية الجمعية الأخرى؛ فقد كان أداء الشعائر العامة سمة لكثير من المجتمعات منذ بلاد بابل القديمة ومصر القديمة وحتى فرنسا والبندقية ودوقية موسكو في العصور الوسطى. وبالمثل، يمكن العثور على تكوين لهجات وأدبيات عامة مميزة في أنواع كثيرة من المجتمعات في الحقب القديمة وحقب العصور الوسطى، من أثينا القديمة وصولا إلى بروفنس وفلورنسا في العصور الوسطى. أما ما يعنيه ذلك فيما يخص تكوين الأمم، فهو أن تلك «المواد» الثقافية كانت حاضرة لقرون كثيرة في مجتمعات مختلفة، لكنها في ظل ظروف معينة وحالات معينة فقط «جمعت» وتضافرت مع عمليات أخرى لخلق هذا النوع «القومي» تماما من المجتمعات البشرية.
في هذا الصدد، تمثل الشعائر العامة، والمراسم، والرموز أهمية كبرى لظهور الأمم مقارنة بأهمية اللهجات والأدبيات العامية؛ فالأدبيات المكتوبة بالعامية، ظهرت بوجه عام في أوائل العصر الحديث، على الرغم من مزاعم أدريان هستنجز بظهور كل من اللهجات والأدبيات العامية في أوائل العصور الوسطى في إنجلترا وجيرانها. في العموم، ظل الأدب مأثرة نخبة من الحاشية أو من الكهنوت، على الأقل حتى «رسخت» الدولة في أوائل العصر الحديث اللغة وقراءتها، ونشرت رأسمالية الطباعة منتجاتها لدوائر أوسع نطاقا. وعلى النقيض، انتشرت الشعائر العامة، والمراسم، والرموز على نطاق واسع منذ وقت أسبق كثيرا، بل إنها ترى جوهرية لغرس حس الانتماء إلى مجتمع سياسي وثقافي أوسع نطاقا لدى قطاعات كبيرة من السكان، سواء أكان جماعة عرقية أو كنيسة أو دولة مدينة أو مملكة، ولتأكيد نشاط المجتمع وشرعيته. ومن هنا انبثقت الأهمية التي كانت تحظى بها المراسم الدينية التي كانت تقام في المعابد مثل مهرجانات العام الجديد في بلاد الرافدين، وموكب عموم أثينا في أثينا، وشعائر اختيار عذارى فيستال في روما، والمراسم المختلفة التي ربطت الملكية بالكنيسة في أوروبا العصور الوسطى، مثل مراسم التتويج، وطقوس دخول المدن، والجنازات. مرة أخرى، كانت هذه المظاهر نماذج لطقوس «قومية» لاحقة، مثل: رفع العلم، وغناء الأناشيد، والاحتفال بالعطلات القومية.
14
كما سنرى، فإن الثقافات العامة المميزة تلعب دورا محوريا في نشأة أنواع تاريخية مختلفة من الأمم؛ إذ تساعد على تكوين عناصر أساسية في تشكيلها على فترات متعاقبة. لقد تمكنت التراثات الثقافية الأساسية خلال العصور القديمة، من خلال طقوس ومراسم ورموز وقواعد الثقافات العامة إلى حد بعيد، من تكوين التقاليد المميزة للمجتمع القومي والهوية القومية اللذين سأفرد لهما في الفصل الرابع. (2-5) توحيد القوانين والأعراف
إن الأنظمة القانونية العامة والأعراف المشتركة في حد ذاتها لا تميز «العرقيات» والأمم عن الأنواع الأخرى من الهويات الجمعية الثقافية أو السياسية. قبل التاريخ الحديث بوقت طويل، كانت التشريعات القانونية تنتمي بصفة عامة إلى الدول المدن والإمبراطوريات، بداية من التشريعات القانونية الخاصة بكل من أوروكاجينا وحمورابي في سومر وبابل، حتى التشريعات القانونية الرومانية والبيزنطية العظيمة. على الناحية الأخرى، كانت تلك الأنظمة القانونية والعادات المشتركة وليدة مجتمعات دينية كبرى والنصوص المقدسة لتلك المجتمعات كالشريعة الإسلامية والقانون الكنسي.
رغم ذلك، كانت عمليات نشر الأعراف وتوحيد القوانين والتشريع عناصر محورية في تكوين كل من «العرقيات» والأمم. فيما يتعلق بمعظم «العرقيات»، فإنه بمجرد اكتساب أفرادها لغة عامية مكتوبة، وامتلاك مجموعات عديدة من الأعراف والطقوس والتقاليد والقوانين، راحت تلك الأعراف والطقوس والتقاليد والقوانين تتحكم بدرجات متزايدة في علاقاتهم فيما بينهم وعلاقاتهم بالأغيار. وأصبحت الروابط بين التشريع القانوني الموحد وبين الأمة أكثر قربا. بل من الممكن تمييز الأمم، جزئيا، على أنها مجتمعات قائمة على القانون والعرف، يتمتع أفرادها بحس الصالح العام، ويؤدون مجموعة من الحقوق والواجبات المتبادلة. وهذا يعني أنه حتى لو كانت عضوية المجتمع القومي محدودة؛ إذ عادة ما كانت تقتصر على الذكور البالغين أو رؤساء العائلات في الحقب التي سبقت العصر الحديث، فإن علاقات هؤلاء بعضهم ببعض وبالأغيار كانت محكومة على نحو متزايد بالأسس القانونية المشتركة والقواعد العمومية للقوانين العامة، والأعراف المشتركة، والوصفات الرمزية التي تميزهم عن غيرهم. في الحقيقة، قد يحدد القانون والعرف والطقس الحدود الرمزية للأمم بوضوح أكبر مقارنة بالعادات والتقاليد المرسلة إلى حد بعيد التي تميز «العرقيات». لكن لا يمكن وضع خط فاصل صارم بينهما. وهذا موضح جليا من خلال المحورية التي منحها اليهود للقانون الموسوي في تعريف اليهودية في فترة الهيكل الثاني.
15
Página desconocida