Origen de la Desigualdad entre los Hombres
أصل التفاوت بين الناس
Géneros
4
ويزعم هوبز أن الإنسان جسور بحكم الطبيعة، وهو لا يحاول غير الهجوم والقتال، والعكس ما يراه فيلسوف مشهور آخر، وكذلك يؤكد كونبر لاند وبوفندروف كونه لا شيء أخوف من الإنسان في الحال الطبيعية، فهو يرتجف ويستعد للفرار دائما عند أقل صوت يقرعه وأقل حركة يشعر بها، وقد يكون هذا تجاه الأشياء التي لا يعرفها، ولا أشك مطلقا في خوفه من جميع المناظر الجديدة التي تعرض له في كل مرة لا يستطيع أن يفرق فيها بين الخير والشر الطبيعيين اللذين يجب أن ينتظرهما منها، ولا أن يقابل بين قواه والأخطار التي تلاقيه، وهذه الأحوال نادرة في الحال الطبيعية، حيث يسير كل شيء بالغ النمطية، وحيث لا يكون وجه الأرض خاضعا مطلقا لتلك التحولات المفاجئة الدائمة التي توجبها هنالك أهواء الشعوب المتحدة وتقلبها، ولكن بما أن الإنسان الوحشي يعيش متفرقا بين الحيوانات ويجد نفسه باكرا في حال يقيس نفسه بها، فإنه لا يعتم أن يقوم بهذه المقايسة، وهو إذ يحس أنه يفوقها حيلة أكثر من فواقها إياه قوة، فإنه يتعلم ألا يخشاها بعد، وضعوا دبا أو ذئبا أمام وحشي قوي نشيط جسور - كما عليه الجميع - مسلح بحجارة وهراوة جيدة، تروا كون الخطر متقابلا على الأقل، وكون الحيوانات المفترسة، التي لا تحب مهاجمة بعضها بعضا مطلقا، قليلة الرغبة في مهاجمة الإنسان الذي تجده مفترسا مثلها. وأما من حيث الحيوانات التي لها من القوة في الحقيقة ما هو أكثر من حيلة الإنسان، فإن الإنسان يكون تجاهها في ذات الوضع الذي تكون عليه الأنواع الأخرى الأضعف منها والقادرة على البقاء مع ذلك، وذلك مع قدرة الإنسان على اتخاذ ملجأ وتركه عند المقابلة، ومع خياره في الفرار أو القتال عند المقابلة في كل مكان، فضلا عن استعداده للركض مثلها وعثوره على ملجأ أمين في الشجرة تقريبا، وإلى هذا أضف كونه لا يوجد - كما يظهر - حيوان يشهر الحرب على الإنسان عن طبيعة، خلا الحال التي يكون فيها مدافعا عن نفسه، أو التي يكون فيها جائعا إلى الغاية، وكونه لا يبدي له تلك الكراهية التي تنذر - كما يلوح - بأن أحد الأنواع معد ليكون - عن طبيعة - طعاما لنوع آخر.
وهذه - لا ريب - هي الأسباب في كون الزنوج والهمج لا يخافون الحيوانات المفترسة التي يمكن أن يلاقوها في الغاب، ويعيش كرايب فنيزويلا بين أخرى من هذه الناحية في أمان مطلق ومن غير أدنى محذور، وهم وإن كانوا عراة جميعا تقريبا، على رواية فرنسوا كوريال، يعرضون أنفسهم في الغاب من غير احتراز مسلحين بقوس وسهم، بيد أنه لم يسمع قط افتراس الضواري لأحد منهم.
وهنالك أعداء آخرون أشد هولا، فليس لدى الإنسان ذات الوسائل للدفاع تجاههم، وهؤلاء الأعداء هم: الأسقام الطبيعية للطفولة والهرم والأمراض من كل نوع، أي هذه العلامات الكئيبة لضعفنا، والتي تعد الأوليان منها مشتركتين بين جميع الحيوانات، والتي تعد الأخيرة منها خاصة بالإنسان الذي يعيش في المجتمع، حتى إنني ألاحظ في موضوع الطفولة أن الأم إذ تحمل ولدها معها حيثما كانت، من سهولة تغذيته ما ليس لإناث كثير من الحيوانات التي تضطر إلى الذهاب والإياب بلا انقطاع، مع كثير من التعب بحثا عن غذائها من ناحية، وإرضاعا أو إطعاما لصغارها من ناحية أخرى.
أجل، إن من الحقيقة أن المرأة إذا هلكت حاق بالولد خطر الهلاك معها كثيرا، غير أن هذا الخطر مشترك بين مئة من الأنواع الأخرى التي لا يكون صغارها من الحال ما تبحث معه عن غذائها بنفسها، وإذا كان دور الطفولة أكثر طولا بيننا، كانت الحياة أكثر طولا أيضا، وتساوى كل شيء من هذه الناحية تقريبا
5
وإن وجدت حول مدة الدور الأول وحول عدد الصغار
6
قواعد أخرى ليست من موضوعي، ويكون الناس في المشيب أقل حركة وعرقا، فتقل الحاجة إلى الطعام مع القدرة على تداركه، وكما أن الحياة الوحشية تبعد النقرس والرثية منهم، وكما أن المشيب هو من جميع الأمراض ذلك الذي يكون أقل ما يمكن العون الإنساني أن يخففه، تراهم يزولون في آخر الأمر من غير أن يشعر الآخرون بذلك، ومن غير أن يشعروا هم أنفسهم بذلك.
وأما من حيث الأمراض، فإنني لا أكرر مطلقا ما يقوم به معظم الأصحاء من تصريحات فارغة باطلة ضد الطب، ولكنني أسأل: هل توجد مشاهدات متينة يمكن أن يستنبط منها كون الحياة المتوسطة في البلدان التي يكون فيها فن الطب أكثر الأمور إهمالا أقصر مما في أكثر البلدان عناية به؟ وكيف يمكن هذا أن يكون إذا كنا نجلب لأنفسنا من الأمراض ما لا يستطيع الطب أن يجهزنا بأدويته؟
Página desconocida