أحدهما بالفارسية ب (طلب داشتن) وعن الآخر ب (طلب كردن) والثاني مفاد الصيغة، لكنك عرفت أنه لا معنى لكون الثاني مفاد الصيغة بحيث كانت بعنوانها الأولي محدثة له بالعلية الجعلية بل هي كاشفة عن الأول ومحدثة للثاني بتوسط الكشف.
فالمدعى أن مادة الأمر موضوعة لهذا المعنى المستحدث ، والشاهد هو التبادر ؛ ولهذا لو تحقق الإرادة في نفس العالي بالنسبة إلى السافل وعلم السافل بها من طريق الرمل مثلا لا يقول : إنه أمرني ، ولفظة «فرمان دادن» في الفارسية مشتركة مع لفظ الأمر في العربية في هاتين الدعويين ، هذا هو الكلام في بيان معنى مادة الأمر.
وينبغي هنا التعرض للنزاع المعروف بين الأشاعرة والمعتزلة في غيرية الطلب للإرادة أو عينيته معها ، لابتنائه على المقدمة المذكورة أيضا ، فنقول : إن أراد الأشعري بقوله إن الطلب غير الإرادة أن في النفس صفة اخرى غير الإرادة موجودة ويعبر عنها بالطلب ، فجوابه أنا نعلم علما ضروريا بأنه لا في نفس الفاعل شيء غير الشوق الأكيد المنبعث عن ملاحظة المصلحة ودفع المنافيات المعبر عنه بالإرادة ، ولا في نفس الآمر شيء مما سوى الإرادة ،
وإن أراد أن في النفس صفة واحدة يعبر عنها بالإرادة ثم يحدث بتبع إظهار هذه الصفة معنى آخر يعبر عنه بالطلب.
فيرد عليه أن أصل هذا المطلب أعني أصل وجود هذين المعنيين وتغايرهما من البديهيات ، فلا يصلح لأن يقع موردا لنزاع أهل المعقول ، وبعد كونه من البديهيات فالنزاع في أن اللفظين مترادفان أو متغايرا المعنى لا يطلح إلا للغوي ، ويظهر من استدلالهم بأن الطلب متحقق في الأوامر الامتحانية ، ولا أراه أن مرادهم هو الثاني.
وأما المعتزلي فإن فهم من كلام الأشعري الوجه الأول فكلامه راجع إلى ما ذكرنا من أنه ليس في النفس إلا صفة واحدة ، وإن فهم منه الوجه الثاني فأنكر وجود المعنى المستحدث فجوابه أن وجوده من البديهيات.
ثم إن في الكفاية ما حاصله أن الحق كما عليه أهله والمعتزلة أن لفظي الطلب و
Página 82