298

نجاستهما مع العلم بالنجاسة سابقا ، فإن استصحاب النجاسة في كليهما جار ، ولا يضر العلم الإجمالي بطهارة أحدهما بعدم كونه منجزا لتكليف ، وإنما هو مثبت للإباحة ، والاصول يعمل بها ما لم يلزم المخالفة العملية القطعية وإن قطع بمخالفة مضمونها للواقع.

وفيه أن المدعى مركب من قضيتين كليتين ، إحداهما : لا يجوز العمل بكل عام قبل الفحص ، والاخرى : يجوز العمل بكل عام بعده ، وهذا الدليل لا يفيد هذا المدعى ؛ لأنه لو كان المراد العلم الإجمالي بوجود مخصصات كثيرة في الواقع أعم مما يكون موجودا في ما وصل إلينا من الكتاب والسنة ومن غيره فربما يحصل الفحص ولا ينحل هذا العلم ، وذلك بأن يكون القدر المتيقن من المخصصات الواقعية أزيد مما نجده من المخصصات في الكتاب والسنة بعد الفحص ، كما لو كان ما وجدناه خمسمائة مخصص لجميع العمومات والمتيقن تخصيص تمام العمومات بستمائة ، فحينئذ يلزم أن لا يجوز العمل بالعام بعد الفحص أيضا لبقاء العلم الإجمالي وعدم انحلاله.

وأيضا ربما ينحل العلم الإجمالي قبل الفحص كأن يكون المتيقن خمسمائة مخصصا لتمام العمومات ووجدنا في الكتاب والسنة خمسمائة لأربع مائة عام فيلزم جواز العمل بغير هذه الأربعمائة من العمومات قبل الفحص لخروجه عن أطراف العلم الإجمالي ، وإنما تعلق الشك البدوي بتخصيصه ، فعلى هذا التقدير لا يستقيم الكلية في شيء من الجانبين ، لا في الجواز بعد الفحص ولا في عدمه قبله ، ولو كان المراد العلم الإجمالي بوجود المخصصات في ما بأيدينا من الكتاب والسنة ، فحينئذ وإن كان يجوز العمل بالعام بعد الفحص دائما ؛ لانحلال العلم الإجمالي بعده كذلك ، إلا أنه قد يجوز قبل الفحص أيضا ؛ لانحلاله قبله ، كما لو وصلنا في خمسمائة عام بخمسمائة مخصص ، فانحل العلم الإجمالي وتبدل في سائر العمومات التي لم نفحص عن مخصصاتها بالشك البدوي ، فعلى هذا التقدير لا يثبت الكلية في جانب عدم الجواز قبل الفحص وإن كان يثبت في جانب الجواز بعده.

وربما يوجه وجوب الفحص بما ذهب إليه المحقق القمي قدسسره من أنا نتبع في باب الظهورات للظنون الشخصية ولا نكتفي بالظنون النوعية ، وليس للظهورات

Página 301