204

من دون مدخلية للوقوع في دار الغير فيه ، وكذا لا مدخل في منشأ انتزاع الغصب إلا لمطلق الحركة في دار الغير بدون رضاه من دون مدخلية للوقوع بالهيئة الخاصة والتلبس بنية القربة فيه، فيتعقل هنا صرف وجود يكون منشأ لانتزاع الصلاة وهو متعلق للأمر ، وصرف وجود آخر يكون منشئا لانتزاع الغصب وهو متعلق للنهي. هذا خلاصة الكلام في حجة المجوز.

ومنه يظهر فساد ما قيل في حجة المنع ، وحاصله أن تعدد العنوان في محل النزاع لا يوجب تعدد المعنون ، بل هو يتحد حقيقة ووجودا من غير فرق بين القول بأصالة الماهية أو الوجود.

ووجه فساده هو أن الطلب كما عرفت ليس من الأعراض الخارجية كالبياض حتى يقال بأنه لا يمكن التكليف في عروضه بين حيثية دون اخرى لاندماج الحيثيات واتحادها في الخارج ، بل هو من الأعراض التي يكون عروضها واتصافها في الذهن ، والتفكيك بين الحيثيات في الذهن ممكن ، فيقع الكلام حينئذ في أن لهذه الحيثيات التحليلية العقلية واقعية في الخارج أولا ، وقد أثبتنا الواقعية لها.

ثم إنه قد استدل للجواز بوجوه أخر ، منها أنه لو امتنع اجتماع الوجوب والحرمة في واحد بوجهين لما وقع نظيره ، وقد وقع في الشرع كما في العبادات المكروهة كالصلاة في الحمام ، والمستحبة كالفريضة في المسجد ، والمباحة كالصلاة في البيت ، وذلك لأن الأحكام الخمسة متضادة بأسرها.

ويمكن الجواب عنه على القول بالامتناع بأن الحال في تلك الموارد مختلفة ؛ لأن الحكم المخالف للأمر العبادي فيها إما أن يكون متعلقا بأمر خارج عن العبادة متحد معها في الوجود أحيانا ، كما في الصلاة في موضع التهمة ؛ فإن النهي التنزيهي متعلق بالكون في الموضع المذكور المتحد مع الصلاة في الخارج أحيانا أو يكون متعلقا بنفسها ، وهذا على قسمين :

إما أن يكون في البين مندوحة وذلك بأن يكون الأمر العبادي متعلقا بصرف الوجود، أولا يكون وذلك بأن يتعلق الأمر العبادي بالوجود الساري الاستغراقي ،

Página 207