135

بفعل لا يقدر المكلف عليه في حال الخطاب ، ولكن يعلم الآمر أنه يصير قادرا عليه في الوقت المضروب لأجله بالوجدان.

أقول : الإرادة بحسب مقام اللب يتصور على وجهين :

الأول : أن يتعلق بالفعل بتمام قيوده بحيث وقع القيد في حيزها ، كما لو كان المراد إكرام الضيف على وجه كانت الإرادة محيطة بمجموع المقيد والقيد ، ولا فرق في ذلك بين الإرادة الفاعلية والإرادة الآمرية ، غاية الأمر أن الاولى توجب تحرك عضلات المريد نحو إيجاد المجموع ، والثاني توجب تحرك عضلات المأمور نحوه.

الثاني : أن يتعلق على تقدير حصول القيد وبعد فرضه بالمقيد ، فيكون القيد على هذا خارجا من حيزها ، كما لو كان الإكرام على تقدير ورود الضيف مرادا من دون فرق بين الإرادتين أيضا ، وكذلك يتصور هذان الوجهان في منشأ الإرادة أعني المصلحة ؛ فإنه قد تكون المصلحة التامة الفعلية في إيجاد المجموع من المقيد وقيده ، وقد لا تكون كذلك ، يعني لا يكون المجموع موردا للمصلحة ، بل ربما يكون القيد موردا للمفسدة ، ولكن على تقدير حصوله تكون المصلحة في المقيد وهذا واضح ، ولا يتصور أكثر من هذين القسمين في الإرادة بقسميها بحسب مقام اللب ، فإن شئت فسم الأول بالمطلق والثاني بالمشروط أو غير ذلك.

وأما ما تقدم من قياس الزمان بالمكان في أنه كما يتصور أن يقع مجموع الفعل المقيد بالوقوع في مكان خاص متعلقا للإرادة ، وأن يقع نفس الفعل على تقدير وجود المكان الخاص ، كذلك يتصور هذان في الزمان.

ففيه : أن المكان لكونه اختياريا يمكن القسمان فيه ، وأما الزمان فحيث إنه خارج عن تحت قدرة الإنسان واختياره فلا جرم لا يمكن أن يقع الفعل المقيد بالوقوع في زمان خاص مرادا على وجه وقع القيد تحت الإرادة ، فلا بد أن يكون متعلق الإرادة نفس الفعل على تقدير وجود الزمان الخاص وفي فرضه ، وعلى هذا فجميع الموارد التي توهم الوجوب المعلق فيها فالمطلوب فيها نفس العمل على تقدير وجود القيد أعني الزمان المخصوص.

Página 138