قد أجمع الناس على أن الله كلم (¬1) أنبياءه ورسله، وأنزل عليهم كتبه، وأنزل الفرقان على محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وسماه قرآنا عربيا قيما، ولم يجعل له عوجا. وسماه { قول رسول كريم } (¬2) قول جبريل، وما هو بقول شيطان رجيم وسماه حديثا ومجعولا، ومنزولا (¬3) . وجعله سورا معدودات، وآيات مفصلات ومنه آيات محكمات، وآيات متشابهات، وناسخ ومنسوخ، وجعله متغايرا بعضه غير بعض. ثم بعد هذا الإجماع، وبعد هذا البيان قالوا: إن كلامه صفة له في ذاته لم يزل بها كالعلم والقدرة. وقالت الحشوية: مجعول، ومنزول، ومحدث وليس بمخلوق. فوقعوا قريبا من المشبهة، فما أعرف فرقة أغفل ولا أغلق ولا أحير عقولا، { إن هم إلا كالأنعام (¬4) } بل هم أضل سبيلا منهم، فما الفرق بينهم وبين المعتزلة الذين يزعمون أن أفعال [ العباد ] (¬5) محدثة ليست بمخلوقة، وتركوا قول الله: { خالق كل شيء } (¬6) فجعلوه خاصا لشيء [ دون شيء ] (¬7) ، أو يجعلون القرآن ليس بشيء فيبطلونه (¬8) فيلحقون بمن قال: { ما أنزل الله على بشر/[51] من شيء } (¬9) .
¬__________
(¬1) في ب: قد كلم.
(¬2) 1*) الحاقة: 40. التكوير:19.
(¬3) هكذا في جميع النسخ التي بين أيدينا.
(¬4) 2*) سورة الفرقان: 44.
(¬5) + من ب، ج، م.
(¬6) سورة الأنعام: 102. الرعد: 16. الزمر:62.
(¬7) - من م.
(¬8) في ب، ج، ت: فيطلبونه.
(¬9) سورة الأنعام: 91. قال أبو عمار عبد الكافي في هذه الآية أن الله تعالى قال ردا عليهم بقوله: « قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى » (الأنعام:91)، قال: فلما تبين أن كتاب الله شيء من الأشياء، قلنا: لا يخلو هذا الشيء من وجهين لا ثالث لهما: إما أن يكون محدثا أو غير محدث، فإن قالوا: غير محدث أبطلوا وردوا على الله حيث قال: « وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث إلا كانوا عنه معرضين » (الشعراء: 05). فإن قالوا: محدث، قيل: من أحدثه أقروا بخلقه. الخ....انظر: الموجز (السابق)، ج2/132-133. وما بعدها. وانظر أيضا: أبو القاسم البرادي: (السابق)، ص183 إلى 201. ومن المتأخرين، سعيد التعاريتي الجربي: كتاب، المسلك المحمود في معرفة الردود، طبعة حجرية، ص146 إلى 178.
Página 145