Usul
أصول السرخسي
Investigador
أبو الوفا الأفغاني
Editorial
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Número de edición
الأولى
Ubicación del editor
حيدر آباد
Géneros
Usul al-Fiqh
فَأَما النَّوْع الأول فَهُوَ مَا استبيح مَعَ قيام السَّبَب الْمحرم وَقيام حكمه فَفِي ذَلِك الرُّخْصَة الْكَامِلَة بِالْإِبَاحَةِ لعذر العَبْد مَعَ قيام سَبَب الْحُرْمَة وَحكمهَا وَذَلِكَ نَحْو إِجْرَاء كلمة الشّرك على اللِّسَان بِعُذْر الْإِكْرَاه فَإِن حُرْمَة الشّرك باتة لَا ينكسف عَنهُ لضَرُورَة وجوب حق الله تَعَالَى فِي الْإِيمَان بِهِ قَائِم أَيْضا وَمَعَ هَذَا أُبِيح لمن خَافَ التّلف على نَفسه عِنْد الْإِكْرَاه إِجْرَاء الْكَلِمَة رخصَة لَهُ لِأَن فِي الِامْتِنَاع حَتَّى يقتل تلف نَفسه صُورَة وَمعنى وبإجراء الْكَلِمَة لَا يفوت مَا هُوَ الْوَاجِب معنى فَإِن التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ بَاقٍ وَالْإِقْرَار الَّذِي سبق مِنْهُ مَعَ التَّصْدِيق صَحَّ إيمَانه واستدامة الْإِقْرَار فِي كل وَقت لَيْسَ بِرُكْن إِلَّا أَن فِي إِجْرَاء كلمة الشّرك هتك حُرْمَة حق الله تَعَالَى صُورَة وَفِي الِامْتِنَاع مُرَاعَاة حَقه صُورَة وَمعنى فَكَانَ الِامْتِنَاع عَزِيمَة لِأَن الْمُمْتَنع مُطِيع ربه مظهر للصلابة فِي الدّين وَمَا يَنْقَطِع عَنهُ طمع الْمُشْركين وَهُوَ جِهَاد فَيكون أفضل والمترخص بإجراء الْكَلِمَة يعْمل لنَفسِهِ من حَيْثُ السَّعْي فِي دفع سَبَب الْهَلَاك عَنْهَا فَهَذِهِ رخصَة لَهُ إِن أقدم عَلَيْهَا لم يَأْثَم وَالْأول عَزِيمَة حَتَّى إِذا صَبر حَتَّى قتل كَانَ مأجورا وعَلى هَذَا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر عِنْد خوف الْهَلَاك فَإِن السَّبَب الْمُوجب لذَلِك وَحكم السَّبَب وَهُوَ الْوُجُوب حَقًا لله تَعَالَى قَائِم وَلَكِن يرخص لَهُ فِي التّرْك وَالتَّأْخِير بِعُذْر كَانَ من جِهَته وَهُوَ خوف الْهَلَاك وعجزه عَن شدّ المعاضد عَنهُ وَلِهَذَا لَو أقدم على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى يقتل كَانَ مأجورا لِأَنَّهُ مُطِيع ربه فِيمَا صنع وَفِي هَذَا الْفَصْل يُبَاح لَهُ الْإِقْدَام عَلَيْهِ وَإِن كَانَ يعلم أَنه لَا يتَمَكَّن من مَنعهم عَن الْمُنكر بِخِلَاف مَا إِذا أَرَادَ الْمُسلم أَن يحمل على جمَاعَة من الْمُشْركين وَهُوَ يعلم أَنه لَا ينْكَأ فيهم حَتَّى يقتل فَإِنَّهُ لَا يَسعهُ الْإِقْدَام لِأَن الفسقة معتقدون لما يَأْمُرهُم بِهِ وَإِن كَانُوا يعْملُونَ بِخِلَافِهِ فَفعله يكون مؤثرا فِي باطنهم لَا محَالة وَإِن لم يكن مؤثرا فِي ظَاهِرهمْ ويتفرق جمعهم عِنْد إقدامه على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَإِن قَتَلُوهُ وَالْمَقْصُود تَفْرِيق جمعهم وَأما الْمُشْركُونَ غير معتقدين لما يَأْمُرهُم بِهِ الْمُسلم فَلَا يتفرق جمعهم بصنيعه فَإِذا كَانَ فعله لَا ينْكَأ فيهم كَانَ مضيعا نَفسه فِي الحملة عَلَيْهِم ملقيا بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة لَا أَن يكون عَاملا لرَبه فِي إعزاز الدّين
وَكَذَلِكَ تنَاول مَال الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه للْمُضْطَر عِنْد خوف الْهَلَاك فَإِنَّهُ رخصَة مَعَ قيام سَبَب الْحُرْمَة وَحكمهَا وَهُوَ حق الْمَالِك وَلِهَذَا وَجب الضَّمَان حَقًا
1 / 118