أما الدكتور «شلبي»، فهو كعادته يلجأ إلى «ويلز» يستنطقه فيقول: «إننا لو استخرجنا من قصة التوراة أطوال معبد سليمان، لوجدنا أن بالإمكان وضعه داخل كنيسة صغيرة من كنائس الضواحي.»
9
وربما كان مناسبا هنا إيراد تأكيد «غوستاف لوبون» لما انتهى إليه «موسكاتي»، إذ يقول: «لا ينبغي لنا أن نتحدث عن وجود شيء من فن النحت أو التصوير عند بني إسرائيل، وقل مثل هذا عن فن البناء عندهم، فانظر إلى هيكلهم المشهور، الذي نشر حوله كثير من الأبحاث المملة، تجده بناء أقيم على الطراز الآشوري المصري، من قبل بنائين من الأجانب كما تقول التوراة، ولم تكن قصور سليمان غير نسخ رديئة للقصور المصرية والآشورية.»
10
والملحوظة الثالثة هي حول كمية الأحجار الكريمة، والذهب، التي استخدمها سليمان في بناء منشآته ودلالة على عظمة الملك، تلك العظمة التي أدت به لردم أسس المنشآت بالأحجار الكريمة، وجعلت الفضة في أورشليم كالحجارة، التي يعقب عليها موسكاتي بالقول: «إن الزيادة العظيمة في سعة البلاط وفخامته ... اضطرت سليمان إلى إقامة نظام ضرائب، ألقى على شعبه عبئا ثقيلا ... فكانت البلاد رغم الرخاء تسير نحو أزمة اقتصادية.»
11
وفي رأينا أن أبرز الأدلة على تفاقم هذه الأزمة واحتدادها، هو ما جاء في سفر الملوك الأول عن أسلوب سداد «سليمان» لديونه، من أجور البنائين والمهندسين للملك «حيرام»، فيقول: «وبعد نهاية عشرين سنة، بعدما بنى سليمان البيتين: بيت الرب وبيت الملك. وكان حيرام قد ساعف سليمان بخشب أرز وخشب سرو وذهب حسب كل مسرته. أعطى حينئذ الملك سليمان حيرام عشرين مدينة في أرض الجليل» (ص9)، هذا بينما جعل «حيرام» من مملكة «سليمان» أرضا مستباحة لجيوشه، ومعبرا له إلى البحر الأحمر. وهو ما يستنتج من قول الكتاب المقدس: «وعمل الملك سليمان سفنا في عصيون جابر (ربما العقبة الحالية) التي بجانب أيلة على شاطئ بحر سوف في أرض أدوم. فأرسل حيرام في السفن عبيده النواتي العارفين بالبحر مع عبيد سليمان، فأتوا إلى أوفير (مظنون أنها الصومال حاليا) وأخذوا من هناك ذهبا ...» (ص 9).
ولم يأت عام 923ق.م. حتى انقسمت مملكة «سليمان» على نفسها، عندما طلبت القبائل الشمالية من «رحبعام بن سليمان» إعفاءها من الضرائب، ورفض «رحبعام»، فكان أن قاموا بثورة انتهت بانفصال نصف المملكة الشمالي، وأسسوها مملكة تحمل اسم إسرائيل، أما الجنوبية فحملت اسم يهوذا.
ثنائيات التأسيس والسقوط
وانقسمت مملكة «سليمان» على نفسها بموته، عام 923ق.م.
Página desconocida