El Nuevo Órganon: Instrucciones sinceras para la interpretación de la naturaleza
الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة
Géneros
nominalist ، ولا يخدعن أحدا كثرة التجائه إلى التجربة في كتبه «عن الحيوان» و«مشكلات» ورسائل أخرى، فحقيقة الأمر أنه قد حسم أمره مسبقا ولم يستشر التجربة حق المشورة كأساس لأحكامه ومبادئه. إنه يعتسف أحكامه اعتسافا ثم يلوي بالتجربة حتى تلائم أفكاره، ويجرها كما يجر أسير في موكب، ومن ثم فهو أفدح ذنبا من تابعيه المحدثين (الأسكولائيين) الذين هجروا التجربة تماما ونفضوا أيديهم منها.
35 ••• (64) تتولد عن المدرسة التجريبية معتقدات أكثر تشوها ومسخا مما تنتجه المدرسة السوفسطائية أو العقلية؛ ذلك لأن هذه المعتقدات لا تتأسس في ضوء التصورات العامة (التي رغم ضعفها وسطحيتها فهي بشكل ما عمومية وتشير إلى أشياء كثيرة)، بل تقوم على أساس ضيق ومعتم من حفنة تجارب، مثل هذه الفلسفة تبدو محتملة وشبه يقينية عند أولئك الذين ينخرطون كل يوم في مثل هذا الصنف من التجارب فأفسدوا مخيلتهم بها، أما لغيرهم فتبدو بعيدة عن التصديق وغير ذات جدوى، ولدينا عليها مثال صارخ في أهل الخيمياء ومعتقداتهم، وهي عدا ذلك نادرة الوجود في زمننا هذا، ربما باستثناء فلسفة جلبرت، ويبقى علينا رغم ذلك أن نحذر من مثل هذه الفلسفات؛ ذلك أننا ندرك ونتوقع أنه إذا أصغى الناس لنصيحتنا وكرسوا أنفسهم حقا للتجربة (بعد أن ودعوا المذاهب السفسطائية) فإن هذه الفلسفة ستكون مصدر خطر حقيقي على أقل تقدير، وذلك بسبب تسرع العقل وتهوره، وقفزه أو طيرانه إلى العموميات وإلى مبادئ الأشياء، ذلك الخطر الذي ينبغي من ثم أن نكون متأهبين - حتى في هذه اللحظة - لمواجهته. ••• (65) على أن الفساد الذي يأتي الفلسفة من الامتزاج بالخرافة والثيولوجيا هو أوسع انتشارا وأشد ضررا عليها، سواء على منظوماتها الكلية أو على أجزائها، فتأثر العقل البشري بالخيال لا يقل عن تأثره بالأفكار الشائعة. إن الصنف الجدلي والسوفسطائي من الفلسفة يوقع العقل في شرك، أما الصنف الآخر أي الفلسفة الخيالية الطنانة شبه الشعرية فتغويه. إن بالإنسان ضربا من طموح الفكر لا يقل عن طموح الإرادة، وبخاصة لدى الشخصيات الشامخة النبيلة.
وهناك مثال لافت على هذا بين اليونان نجده في فيثاغوراس، وإن كانت الخرافة لديه فظة ثقيلة، ومثال آخر في أفلاطون ومدرسته حيث الخرافة أخطر وأرقى، وهذا الإثم نجده أيضا في جوانب من الفلسفات الأخرى، متمثلا في القول بالصور المجردة والعلل الغائية والأولى،
36
مع إغفال كثير للعلل الوسطى وما إليها. إن علينا أن نتخذ أشد الحذر هنا، فليس ثمة ما هو أسوأ من تمجيد الخطأ، فحين تؤله الحماقة فذلكم بلاء يحيق بالفكر، في هذه الحماقة انغمس بعض المحدثين، وبغفلة متناهية حاولوا أن يؤسسوا فلسفة طبيعية على الفصل الأول من سفر التكوين
Genesis
وسفر أبواب وأجزاء أخرى من الكتاب المقدس، باحثين - هكذا - عن الموتى بين الأحياء،
37
ومثل هذه الحماقة يجب أن توقف وتقمع بكل قوة، فمن هذا المزج غير الصحي بين البشري والإلهي لا تنبثق فقط فلسفة وهمية، بل ودين هرطقي، ومن ثم فإن رأس الحكمة والاتزان أن نعطي للإيمان ما هو للإيمان ولا نتزيد. ••• (66) بحسبنا هذا عن السلطة الخبيثة للفلسفات القائمة على تصورات عامة أو تجارب قليلة أو على الخرافة، ويبقى أن نتحدث عن الموضوعات الخاطئة للتأمل العقلي، وبخاصة في الفلسفة العقلية، إن العقل يضل السبيل إذ ينظر إلى ما يجري في الفنون الميكانيكية، حيث الأجسام تتغير تماما عن طريق التركيب والتفريق، فيفترض أن شيئا شبيها بذلك يحدث في الطبيعة الكلية للأشياء، وهذا هو مصدر الوهم القائل ب «العناصر»
elements
Página desconocida