والخبر يعزز لنا أن كاتب مؤلفنا كان حيا سنة ٦٢٥، وأنه قد استوى مع الشيخ ابن عربي بالتلقي، فكلاهما قد أخذ عن أوحد الدين الكرماني.
ثقافته
١ - نتلمّس من خلال الكتاب ثقافة رجل من أصحاب الدواوين جمّاعة لا بأس به، صاغ تجربته التي مرّت به فأجاد، واستفاد من مخزونه الثقافي فأحاط وأفاد، وتتبدّى لنا ثقافته في منحيين:
الأول: حشد أخبار وأقوال عن السجن، وما يتعلّق به: الحاكم والأمير والزائر، حتى السامع. ولولا سعة اطلاعه وشمولية ثقافته لعجز عن هذا السّرد.
الثاني: بناء الكتاب، صحيح أن الكتاب عن «أنس المسجون» ولكن الشطر الثاني من اسم الكتاب لم يكن غائبا «سلوة المحزون» وبهذا أعطى الكتاب شمولية لها بعدان: مكاني ونفسي، وبهذا أخرج الكتاب من أن يكون تخصّصيا، فهو من كتب الأدب العامة، أقامه على تسعة أبواب. عرف كيف يسوق الفصول مع الأبواب، كما عرف كيف يدفع الأخبار ويتنقي الأقوال.
والكتاب على جودته وتفرّده لم يأت مبرّأ من العيب خاليا من الهنات، وأهم ما يؤخذ على صاحبه:
١ - تحريف كثير من الأسماء وتصحيفها، ولا أريد أن أرفق الكلام بجدول ولكن ما عليك إلا أن تراجع الأخبار (٩٢،١٣٥،١٧٢. . .).
٢ - كثيرا ما ينسب الخبر إلى غير قائله انظر الخبر (١٨).
٣ - الخروج عن المنهج الذي خطّه لنفسه، ففي الفصل السادس: في القناعة واليأس مما بأيدي الناس يسوق الأخبار (٥٠٧،. . . .٥١٢) ويستمر في الاسترسال بقصص وأخبار هي أقرب ما تكون إلى باب الحلم والجود، ثم
1 / 15