La Madre
الأم
Editorial
دار الفكر
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1403 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Fiqh Shafi'i
إلَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِمْ اتِّبَاعُهُ لَا أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ تَبِعَ مَا رُوِيَ عَنْهُ وَوَافَقَهُ يَزِيدُ قَوْلَهُ: شِدَّةً وَلَا شَيْئًا خَالَفَهُ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ يُوهِنُ مَا رَوَى عَنْهُ الثِّقَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَفْرُوضُ اتِّبَاعُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى النَّاسِ وَلَيْسَ هَكَذَا قَوْلُ بَشَرٍ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ صَحَّ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذَا خَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَّهِمَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا رَوَى خَاصَّةً وَمَعًا وَإِنَّ بَيْنَهُمَا مِمَّا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَوْلَى أَنْ يُصَارَ إلَيْهِ وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ قَوْلًا لَمْ يَرْوِهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا قَالَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ يَعْزُبُ عَنْ بَعْضِهِمْ بَعْضُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ نَذْكُرَهُ عَنْهُ إلَّا رَأْيًا لَهُ مَا لَمْ يَقُلْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنْ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَارَضَ بِقَوْلِ أَحَدٍ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَحِلَّ لَهُ خِلَافُ مَنْ وَضَعَهُ هَذَا الْمَوْضِعَ وَلَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلَّا وَقَدْ أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ وَتُرِكَ لِقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُرَدَّ لِقَوْلِ أَحَدٍ غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَاذْكُرْ لِي فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْت فِيهِ قِيلَ لَهُ: مَا وَصَفْت فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ مُتَفَرِّقًا وَجُمْلَةً وَمِنْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُقَدَّمُ فِي الْمَنْزِلَةِ وَالْفَضْلِ وَقِدَمِ الصُّحْبَةِ وَالْوَرَعِ وَالثِّقَةُ وَالثَّبْتُ وَالْمُبْتَدِئُ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ وَالْكَاشِفُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حُكْمٌ يَلْزَمُ حَتَّى كَانَ يَقْضِي بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنَّ الدِّيَةَ لِلْعَاقِلَةِ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى أَخْبَرَهُ، أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ «الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا» فَرَجَعَ إلَيْهِ عُمَرُ وَتَرَكَ قَوْلَهُ وَكَانَ عُمَرُ يَقْضِي أَنَّ فِي الْإِبْهَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَالْوُسْطَى وَالْمُسَبِّحَةِ عَشْرًا عَشْرًا وَفِي الَّتِي تَلِي الْخِنْصَرَ تِسْعًا وَفِي الْخِنْصَرِ سِتًّا حَتَّى وَجَدَ كِتَابًا عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» فَتَرَكَ النَّاسُ قَوْلَ عُمَرَ وَصَارُوا إلَى كِتَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَفَعَلُوا فِي تَرْكِ أَمْرِ عُمَرَ لِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ فِعْلَ عُمَرَ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ فِي أَنَّهُ تَرَكَ فِعْلَ نَفْسِهِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَذَلِكَ الَّذِي، أَوْجَبَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ حَاكِمَهُمْ كَانَ يَحْكُمُ بِرَأْيِهِ فِيمَا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهِ سُنَّةٌ لَمْ يَعْلَمْهَا وَلَمْ يَعْلَمْهَا أَكْثَرُهُمْ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلْمَ خَاصِّ الْأَحْكَامِ خَاصٌّ كَمَا وَصَفْت لَا عَامٌّ كَعَامِّ جُمَلِ الْفَرَائِضِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَسَمَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ ﷿ فَسَوَّى بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَلَمْ يُفَضِّلْ بَيْنَ أَحَدٍ بِسَابِقَةٍ وَلَا نَسَبٍ، ثُمَّ قَسَمَ عُمَرُ فَأَلْغَى الْعَبِيدَ وَفَضَّلَ بِالنَّسَبِ وَالسَّابِقَةِ، ثُمَّ قَسَمَ عَلِيٌّ فَأَلْغَى الْعَبِيدَ وَسَوَّى بَيْنَ النَّاسِ وَهَذَا أَعْظَمُ مَا يَلِي الْخُلَفَاءُ وَأَعَمُّهُ وَأَوْلَاهُ أَنْ لَا يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ ﷿ فِي الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمِ الْفَيْءِ، وَقِسْمِ الْغَنِيمَةِ، وَقِسْمِ الصَّدَقَةِ فَاخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيهَا وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ مَا أَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عَلِيٌّ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ لِحَاكِمِهِمْ، وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُمْ خِلَافَ رَأْيِهِ، وَإِنْ كَانَ حَاكِمُهُمْ قَدْ يَحْكُمُ بِخِلَافِ آرَائِهِمْ لَا أَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَاعِ مِنْهُمْ وَعَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّ حُكْمَ حَاكِمِهِمْ إذَا كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَلَمْ يَرُدُّوهُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ إلَّا وَقَدْ رَأَوْا رَأْيَهُ قِيلَ: إنَّهُمْ لَوْ رَأَوْا رَأْيَهُ فِيهِ لَمْ يُخَالِفُوهُ بَعْدَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ رَأَوْهُ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ خِلَافُهُ بَعْدَهُ قِيلَ لَهُ: فَيَدْخُلُ عَلَيْك فِي هَذَا إنْ كَانَ كَمَا قُلْت أَنَّ إجْمَاعَهُمْ لَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَهُمْ إذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى قَسْمِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ يُجْمِعُوا عَلَى قَسْمِ عُمَرَ، ثُمَّ يُجْمِعُوا عَلَى قَسْمِ عَلِيٍّ.
وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُخَالِفُ صَاحِبَهُ فَإِجْمَاعُهُمْ إذًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ
1 / 177