وَمِنْهُم نَاس يَجْتَمعُونَ لأجل الْعِبَادَة بِذكر الله، ذكرا مشوبا بإنشاد المدائح والمغالاة لشعراء الْمُتَأَخِّرين، الَّتِي أَهْون مَا فِيهَا الإطراء الَّذِي نَهَانَا عَنهُ النَّبِي [ﷺ] حَتَّى لنَفسِهِ الشَّرِيفَة فَقَالَ: (لَا تطروني كَمَا أطرت الْيَهُود وَالنَّصَارَى أنبياءهم) . وبإنشاد مقامات شيوخية، تغَالوا فِيهَا بالاستغاثة بشيوخهم والاستمداد مِنْهُم بصيغ لَو سَمعهَا مشركو قُرَيْش لكفروهم، لِأَن أبلغ صِيغَة تَلْبِيَة كَانَت لمشركي قُرَيْش قَوْلهم: (لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، لَا شريك لَك غير شريك وَاحِد، تملكه وَمَا ملك)، وَهَذِه أخف شركا من المقامات الشيوخية الَّتِي يهدرون بهَا إنشادًا بِأَصْوَات عالية مجتمعة، وَقُلُوب محترقة خاشعة كَقَوْلِهِم:
(عبد الْقَادِر يَا كيلاني ... يَا ذَا الْفضل وَالْإِحْسَان)
(صرت فِي خطب شَدِيد ... من إحسانك لَا تنساني)
وَقَوْلهمْ:
(اللَّهُمَّ يَا رفاعي إِنِّي ... أَنا المحسوب أَنا الْمَنْسُوب)
(رفاعي لَا تضيعني ... أَنا المحسوب أَنا الْمَنْسُوب)
إِلَى نَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يشك فِيهِ شَاك أَنه من صَرِيح الْإِشْرَاك الَّذِي يأباه الدّين الحنيف.