2689

Umm Al-Qura University Journal 19-24

مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤

Géneros

وأما قولكم إن لحم الإبل هو الموجب للوضوء سواء غيرته النار أم لم تغيره فلا يسلم به لأنه يلزم منه أن يجعل الدليل شاملًا للأكل والمس أيضًا، فلحم الإبل كما أنه غير مقيد بكونه مطبوخًا فانه غير مقيد بالأكل، فإذا جعلتموه شاملًا للمطبوخ والنيء لزم أن تجعلوه شاملًا للأكل والمس، ولم يقل أحد بنقض الوضوء من مس لحم الإبل (١) .
وأجيب بالآتي:
١ - إن الدليل جاء بصيغة العموم (فتوضأ من لحوم الإبل) إذ هو جمع أضيف إلى معرفة (٢)، وهذا يقتضي أن يعم كل لحم للإبل سواء كان مطبوخًا أو غير مطبوخ.
٢- إذا سلمنا أن الغالب المعهود في أكل لحم الإبل أن يكون مطبوخًا فان سياق الدليل اشتمل على قرينة تخرجه عن الغالب المعهود، ألا وهي أن لحم الغنم مثل لحم الإبل، أي أن الغالب المعهود في أكله أن يكون مطبوخًا، وقد رأينا النبي ﷺ يأمر بالوضوء من لحم الإبل ولم يأمر به من لحم الغنم فكان هذا قرينة على أن سبب الأمر بالوضوء من لحم الإبل هو ذات اللحم وعينه لا كونه مطبوخًا مسته النار وإلا لكان هو ولحم الغنم سواء في الحكم لاشتراكهما في مسيس النار.
٣ - الإلزام بجعل الدليل شاملًا للمس كما هو شامل للأكل بحجة أنه غير مقيد بالأكل قياسًا على جعله شاملًا للنيء والمطبوخ بحجة أنه غير مقيد بالطبخ غير مسلم به لأمرين.
أ – ما تقرر في الأصول (٣) من أن الأعيان لا توصف بالحل والحرمة والوجوب.. وإنما يوصف الفعل المتعلق بها، فإذا وصفت بذلك أضيف الوصف إلى الفعل المتعلق بها عادة وعرفًا، كما قي قوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم «٤) أي حرم عليكم نكاحهن، وقوله تعالى (حرمت عليكم الميتة «٥) أي حرم عليكم أكلها، وهكذا.

6 / 189