152

Cumdat Ricaya

عمدة الرعاية بتحشية شرح الوقاية

وعن معتب، قال: قال خارجة بن بديل: دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فأبى عليه فحبسه، ثم دعاه فقال: أترغب عما نحن فيه، فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، إني لا أصلح للقضاء، فقال له: كذبت، ثم عرض عليه الثانية، فقال أبو حنيفة: قد حكم علي أمير المؤمنين أني لا أصلح للقضاء؛ لأنه نسبني إلى الكذب، فإن كنت كاذبا فلا أصلح، وإن كنت صادقا فقد أخبرت أني لا أصلح للقضاء.

وعن الفضيل بن عياض، قال: كان أبو حنيفة فقيها معروفا مشهورا بالورع، معروفا بالأفضال على من يطوف(1) [به](2)، صبورا على تعليم العلم بالليل والنهار، كثير الصمت، قليل الكلام، حتى ترد عليه مسألة.

وعن ابن المبارك، قال: ما رأيت في الفقه مثل أبي حنيفة.

وعن أبي نعيم، قال: كان أبو حنيفة صاحب غوص في المسائل.

وعن جعفر بن الربيع، قال: أقمت على أبي حنيفة خمس سنين، فما رأيت أطول صمتا منه، فإذا سئل عن الشيء من الفقه تفتح وسال كالوادي.

وعن يحيى بن أيوب قال: كان أبو حنيفة لا ينام الليل.

وعن أسد بن عمرو قال: صلى أبو حنيفة بوضوء العشاء صلاة الفجر أربعين سنة، وكان عامة الليل يقرأ القرآن ويبكي، حتى يسمع بكاؤه جيرانه، وختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعة الآلف مرة.

وعن أبي يوسف، قال: بينا أنا أمشي مع أبي حنيفة فسمع رجلا يقول: هذا رجل لا ينام الليل، فقال أبو حنيفة: لا يتحدث عني بما لا أفعله، فكان يحيي الليل صلاة ودعاء وتضرعا.

وعن مسعر، قال: دخلت ليلة المسجد، فرأيت رجلا يصلي، فلم يزل يقرأ في الصلاة حتى ختم القرآن كله في ركعة، فنظرت فإذا هو أبو حنيفة.

Página 163